وفي مثل هذه الحالة نأخذ باللفظة المسموعة الخارجة عن قياسها، ونستعملها، ولكن لا نقيس عليها.
وقد سبق أن بينا في رد سابق ما يعنيه النحاة بالشذوذ في مثل هذه الأبواب، فلا علاقة لها بالعدد هنا، وإحصاء الألفاظ.
وقد نصّ الشيخ مصطفى الغلاييني – رحمه الله – في كتابه جامع الدروس العربية على هذا الشذوذ في باب "أفعل" و"فعِل" قائلا:" وشذ مجيء الصفة من شعث، وحدب على شعِث، وحدِب.
لأن الشعث والحدب من العيوب الظاهرة، فحق هذه الصفة منهما أن تكون على (أفعل)، وقد قالوا: أشعث، وأحدب، وهما أكثر استعمالا ... ".
إلى أن يقول:" وشذّ مجيئهما من حمق يحمق على أحمق، ومن شاب يشيب على أشيب، ومن قطع، وجذم على أقطع، وأجذم.
لأن (أحمق) وإن كان من باب (فعِل) مكسور العين فهو يدل على عيب باطن، فقياسه أن يكون على وزن (فعِل) بكسر العين، وقد قالوا أيضا (حمِق) بكسر الميم على القياس .... " ثم يكمل باقي العلل للكلمتين الشاذتين الباقيتين، انظرجامع الدروس العربية 1/ 136
أخي علي قول ابن عقيل، وابن هشام – رحمهما الله- من دون تفصيل، لأنهما يشرحان قول ابن مالك – رحمه الله – في ألفيته:
كَفَاعِلٍ صُغ اسْمَ فَاعِلٍ إذَا ** مِنْ ذِي ثَلَاثَةٍ يَكُونُ كَغَذَا
وَهُوَ قَلِيلٌ فِي فَعُلْتُ وَفَعِلْ **غَيْرَ مُعَدَّى بَلْ قِيَاسُهُ فَعِلْ
وَأفْعَلٌ فَعْلَانُ نَحْوُ أشِرِ ** وَنَحْوُ صَدْيَانَ وَنَحْوُ الأَجْهَرِ
وَفَعْلٌ أوْلَى وَفَعِيلٌ بِفَعُلْ ** كَالضَّخْمِ وَالْجَمِيل وَالْفِعْلُ جَمُلْ
وَأفعَلٌ فِيهِ قَلِيلٌ وَفَعَلْ ** وَبِسِوَى الْفَاعِلِ قَدْ يَغْنَى فَعَلْ
وكما هو واضح الباب مخلوط لأنه في أبنية أسماء الفاعلين، والمفعولين، والصفات المشبهة بها، فاكتفا ببسط قول الناظم دون تفصيل.
ولو رجعت إلى كتاب دليل السالك إلى ألفية ابن مالك للشيخ الفوزان لوجدت شرح قول الناظم وزيادة كما بيناه فيما سبق أغنانا عن الإعادة.
ولفظة (نضِر) قياسها عندي "أنضر" لما سبق، وقد أوردها ابن منظور – رحمه الله-:"
ونضِر ينضَر ونضُر ينضُر نَضْرَةً ونُضُوْرًا ونَضَرًا ونَضَارَةً نعم وحسن ولطف فهو ناضِرٌ ونَضِرٌ ونَضِيْرٌ وأَنْضَرُ أو النَضْرَة اسمٌ نضَّرهُ الله جعلهُ ناضِرًا".
ولا بأس بمخالفة الشيخ الحملاوي- رحمه الله- لما سبق، وإن كان مضمونه كله يدور على ما فُصّل عند النحاة.
لك التحية أخي الكريم، واسمح لي على الإطالة، والتي لا نريد منها إلا الفائدة لي، ولك، وللجميع.
ـ[علي المعشي]ــــــــ[09 - 02 - 2007, 11:42 م]ـ
مرحبا أخي أباتمام
شكرا على هذه النقول الموثقة، ولكن ألا ترى أنها لا تتعارض مع ما ذكرتُه في شيء؟
الأعراض أوالصفات الطارئة ضابط أشمل من الصفات الباطنة، والعلاقة بينهما علاقة الجزء بالكل، فالفرح والنكد وعمى القلب من الأعراض الباطنة، والشعث، والنضارة، والوسخ، والقذر من الأعراض الظاهرة، وكلا الصنفين مقيس على (فعِلٌ) لأن الرابط بينهما كونهما من الأعراض التي تطرأ وتتجدد.
أما إذا جعلنا الضابط الأساس كون الصفة باطنة فذلك يعني أننا ضبطنا على الفرع وتركنا الأصل، ويترتب على ذلك أن نقول بخطأ ابن عقيل حينما مثل بـ (نضِر فهو نضِرٌ) وصرح بأن ذلك على القياس. فهل أخطأ بالفعل؟
إذاً .. الأصل لـ (فعِلَ فعِلٌ) كون الصفة طارئة، ولكن الصفات الباطنة أغلبها من الطوارئ لذلك توهم بعضهم أنها هي الضابط وتناسوا الأصل الذي أشار إليه ابن هشام والحملاوي بالقول الصريح.
أما أفعل من الفعل (فعِل) فهو مقيس في الصفات الثابتة غالبا، ومجيء الألوان والعيوب والحلى على هذا الوزن لا يناقض الأصل لأن الألوان والعيوب الخلقية في الغالب أن تكون ثابتة لا طارئة .. فهل في ذلك تناقض؟
فالعلاقة أيضا هي علاقة الجزء بالكل، والفرع بالأصل.
وقد نصّ الشيخ مصطفى الغلاييني – رحمه الله – في كتابه جامع الدروس العربية على هذا الشذوذ في باب "أفعل" و"فعِل" قائلا:" وشذ مجيء الصفة من شعث، وحدب على شعِث، وحدِب.
لأن الشعث والحدب من العيوب الظاهرة، فحق هذه الصفة منهما أن تكون على (أفعل)، وقد قالوا: أشعث، وأحدب، وهما أكثر استعمالا ... ".
إلى أن يقول:" وشذّ مجيئهما من حمق يحمق على أحمق، ومن شاب يشيب على أشيب، ومن قطع، وجذم على أقطع، وأجذم.
لأن (أحمق) وإن كان من باب (فعِل) مكسور العين فهو يدل على عيب باطن، فقياسه أن يكون على وزن (فعِل) بكسر العين، وقد قالوا أيضا (حمِق) بكسر الميم على القياس .... " ثم يكمل باقي العلل للكلمتين الشاذتين الباقيتين، انظرجامع الدروس العربية 1/ 136
أما حكم الغلاييني بشذوذ (شعِثٌ) فمرده إلى الوهم الذي أشرت إليه وهو اعتماده الضبط على الفرع (الظاهر والباطن) تاركا الأصل، لأنه لو ضبط على أن الشعث يكون عارضا يأتي ويزول أحيانا لما قال بشذوذه. ولا يمنع أن يأتي على أشعث إذا غلب اتصاف صاحبه به في جل الأوقات.
وكذلك قوله بشذوذ (أحمق، أشيب، أقطع، أجذم) مرده إلى الوهم نفسه، وهوأنه ضبط على الفرع أيضا، وإنما استعملت العرب هذه الصفات على أساس أن الحمق ثابت فالأحمق لا يمكن أن يتحول إلى ذكي، والأشيب لا يمكن أن تزول شيبته، والأقطع لا يمكن إعادة طرفه، والأجذم داؤه لا يبرأ غالبا .. ألا ترى أن البقاء والثبات هو المشترك بين هذه الصفات؟ وعليه فلا شذوذ.
وأكرر أن هذه الضوابط إنما هي على سبيل التغليب، وما يخالفها كثير كثير ..
ولك وافر الود.
¥