بينما تجد الثاني: إنسانا منحرفا في الغالب، لم يدخل المسجد ولو مرة واحدة في حياته كما حكى بعضهم، لاهثا وراء متعة زائلة من مال أو جنس، ومع ذلك لا يقتنع في قرارة نفسه بدينه الجديد، فهو مناف لأي فطرة سوية أو عقل صريح، إذ مستنده الوحيد لإقناع المخالف بمقالته المحالة: "الإيمان فوق المناقشة"!!!، والمنصرون أنفسهم يعلمون ذلك من أتباعهم الجدد، فلا يعتبرونهم، عند التحقيق، نصارى خلصا، فهم مجرد أرقام تضاف إلى قائمتهم الظاهرة ولو كانوا على غير ملتهم في الباطن، فالمهم، كما تقدم، إضلال المسلمين، وحرق قلوبهم، والانتقام منهم لصحة مقالتهم التي تفرض نفسها على الساحة الإنسانية فرضا!!!!، ودين جل هم أتباعه إضلال الآخرين بالتلويح بالشبهات والشهوات: دين يحتضر، فتلك: "حلاوة الروح" كما يقال عندنا في مصر، التي تسبق المنية مباشرة، والإحصائيات العالمية خير شاهد على ذلك، وقد زاد عدد المسلمين على عدد الكاثوليك لأول مرة في التاريخ والتوقعات تشير إلى تصدر الإسلام قائمة الأديان بحلول عام 2050 إن شاء الله، عز وجل، وربما حدث هذا قبل ذلك التاريخ من يدري من البشر؟!!!، وصبرا أتباع دين محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإن الفرج قريب، وأشد ساعات الكربة التي تسبق الفرج مباشرة.
وعند حل هذه المشكلة لا بد من الاهتمام بإصلاح الذات قبل إلقاء المسؤولية كاملة على المخالف، أو أجهزة الأمن، أو: القيادة السياسية فتلك حيلة نفسية على طريقة: "وأنا بإيدي إيه"!!.
ولو أن كل واحد منا استحضر أنه على ثغر من ثغور هذه الملة، فأجمع همته وحشد طاقاته لنصرة دينه ولو بعمل يسير، لأقر الله، عز وجل، أعيننا بنصرة الدين، فلا يحقرن أحدنا نفسه، ليسوغ لها التولي عن قتال من صال على ديننا، ولكل معركة مقاتلوها، فلجهاد السيف والسنان رجاله، كأولئك الأفاضل في فلسطين، مسرى النبوة، والعراق أرض الرافدين، وبلاد الأفغان أرض الجهاد، وبلاد القفقاز أرض الرباط .......... إلخ، ولجهاد الحجة والبرهان: العلماء الربانيون ومن سار على طريقتهم من طلبة العلم، حرس حدود الملة، كما يكرر أحد الفضلاء عندنا في مصر تلك المقالة باستمرار شاكيا قلتهم حتى تمكن العدو من النفاذ إلى حصوننا، ولماذا نبخس أنفسنا ونحط من شأنها ألا نصلح أن نكون جنودا على تلك الثغور؟!!!.
ولأعمال البر ورعاية المساكين رجالها، ولدعوة الناس إلى الحق بعلم وحلم، رجالها، فإن العلم بلا رحمة بلية على صاحبه وعلى من حوله، كالرحمة والرقة بلا علم، فرفقا بالموحدين وأبنائهم فهم يعانون من مشاكل إنسانية واقتصادية لا حصر لها كل في موقعه، فالأب يعاني من ضيق الرزق وكثرة الالتزامات وضيق الصدر وتعثر الأبناء وسوء خلق الزوجة ......... إلخ، والأم تعاني من ذلك، والأبناء عرضة لفتن الشبهات والشهوات ليل نهار مع ضعف في المناعة الإيمانية نعاني منه جميعا، فقد غيبنا عن شرع ربنا عشرات السنين فما خسرناه في تلك الحقب لا يسترد في يوم وليلة بل يحتاج نوع صبر وروية فإن استعجال قطف الثمار سبب في فسادها.
ولتربية أبناء المسلمين رجالها، وللخطابة رجالها، ولدعوة الشباب رجالها، ولمكافحة الشبهات العلمية رجالها، ولتوعية الناس بالكتيبات والأشرطة النافعة رجالها كتلك الثلة المباركة التي تحدث عنها ذلك الأخ الفاضل على شبكة الحقيقة، وقد صبروا على الإهانة في ذات الله، عز وجل، فهنيئا لهم فهم يقومون بما تقاعس كثير منا عن القيام به بحجة: "أنا مالي يا عم"!!!
وإذا لم يستحضر الإنسان معية الله، عز وجل، في هذه معالجة هذه الجبهات المفتوحة فإنه هالك لا محالة، فالعدو قد تكالب من كل صوب، فلا نكاد نفيق من ضربة حتى نتلقى أخرى، فمرة نفجع في أهلنا في بلاد الأفغان وثانية في أهلنا في العراق، وثالثة في أهلنا في غزة، وعلى الصعيد الداخلي عندنا في مصر نبتلى تارة بالعلمانيين وأخرى بالنصارى وثالثة بأهل البدعة الذين زحفوا بأموالهم بعد التمدد الفارسي في بلاد الشرق المسلم بعد انهيار العراق وهم يعزفون على نفس الوتر الذي يعزف عليه النصارى: وتر الحاجة المادية الحيوانية فسلاح المال سلاحهم أيضا في استقطاب الأتباع وإن كانت شبهتهم أعظم بإظهارهم تعظيم آل البيت، رضي الله عنهم، وادعائهم الانتصار لهم من أعدائهم من النواصب، وهم بطبيعة الحال أهل السنة!!!.
فليختر كل منا ما يناسبه من الأعمال لينصر دين الله، عز وجل، به، وليستعن بالله ولا يعجز، فإن هذا الدين غالب لا محالة، فليس الشأن في ذلك، فهو أمر قد قضي وانتهى، مصداق قوله تعالى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)، فالنصر لدين محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الأولى وفي الآخرة، ولكن الشأن فينا هل نكون من أولئك الذين آمنوا، أو نكون من أهل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)
ولن يسلم أحد من الابتلاء ليحتج بعدم صبره على أذى الخلق، فإن لم تبتل في سبيل الله، فستبتلى في سبيل الزوجة أو الأولاد، أو حتى في سبيل الحصول على رغيف عيش تسد به رمقك وشتان الابتلاء في ذات الله والابتلاء في سبيل البطن والفرج!!!.
وفي ظل هذه الضغوط المتزايدة يوما بعد يوم:
تشتاق النفس إلى الجنة، إلى دار المقامة، إلى درا لا حزن فيها ولا نصب، إلى دار ينعم أصحابها برؤية الباري، عز وجل، أجل موجود، وأشرف معلوم، إلى دار سكانها من النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا.
اللهم إنا نسألك رب العباد، إله الحق، الموافاة على الإسلام والسنة، ونسألك الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة.
والله أعلى وأعلم.