تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يعيش بين ظهراني الشرق المسلم.

الشاهد أن نجاة الإسلام مما حاق بالكنيسة، لسمو تعاليمه، وصحة أسانيده، وبقاء المادة الخام لأي مجتمع: الفرد المسلم، على إسلامه، وإن ناله من طعنات التغريب والعلمانية ما ناله، فلم يكفر بالدين ويؤمن بفلسفات إنجلز وديكارت ولينين، بل ظل السواد الأعظم على إسلامه، كل ذلك جعل المستقبل لدين الإسلام وإن حرمت الأجيال المعاصرة من قطف ثمرة العزة بعدما عانته من هوان وذلة، لا سيما وقد فشلت القوى العظمى في قيادة العالم إلى بر الأمان بفلسفاتها ومناهجها الوضعية، أو السماوية المحرفة، بعد أن أتيحت لها الفرصة كاملة، فجلبت الخراب على الأديان والأبدان والأخلاق ........... إلخ، ولم تجد إلا بعض الاكتشافات العلمية والأخلاق النفعية لتستر بها سوأتها وتخدع بها شعوب الأرض المعذبة، لفقر قلوبها من الإلهيات في مقابل تخمة أبدانها من الطبيعيات.

والسنة الكونية متدرجة، فلا يستيقظ الإنسان من سباته مرة واحدة، فكذلك الأمم لا تنهض من كبواتها فجأة، وإنما التدرج في ذلك سنة لا تتبدل.

ومن أمارات هذا الاستشراف التي رصدها الدكتور محمد:

انحسار الدراسات الاستشراقية، وكشف عوارها بعدما نجحت في خداع جيل المستغربين في القرن الماضي بشعارات الموضوعية والبحث العلمي.

وعدم خضوع المناهج التعليمية في الغرب للإشراف الحكومي المباشر من قبل وزارات التعليم كما هو الحال في الحكومات الديكتاتورية في الشرق التي تفرض نمطها الفكري على العقول فرضا دونما حجة أو برهان من نقل أو عقل، فالمؤسسات التجارية في الغرب هي التي تتنافس في إعداد المقررات التعليمية، ومنها المقررات الإسلامية، ومما يؤثر لهم حيادية كثير من تلك المؤسسات إذ تحرص على استشارة أهل الاختصاص من أهل الإسلام في إعداد تلك المناهج وهي فرصة ثمينة لتغيير الصورة النمطية الجامدة عن الإسلام في أذهان الغرب.

وتزايد عدد الطلاب المسلمين الغربيين في الجامعات الإسلامية في الشرق المسلم، وهي خطوة في طريق نشر الإسلام الصحيح في الغرب.

وتزايد أعداد الباحثين الغربيين المنصفين في كثير من الجامعات الغربية فضلا عن عدد لا بأس به من الشخصيات العامة ذات الثقل العلمي والاجتماعي فمنهم الإعلاميون كروبرت فيسك البريطاني، ومنهم أساتذة الأديان المتخصصون كجون اسبوزيتو وكارل إيرنست ومايكل سيلز، ومنهم رهبان ككارين آرمسترونج البريطانية، بل ومنهم أمراء وساسة كالأمير تشارلز، ولي العهد المملكة المتحدة، وله من الإنصاف ما ليس لكثير من ساسة الغرب الذين أعماهم التعصب.

وغرور وغطرسة الغرب الذي اعتمد سياسة "كوندليزا رايس": سياسة: الفوضى الخلاقة، فأشاع الخراب في بلاد العالم الإسلامي، بعد أن انهارت مجتمعاته أخلاقيا، وإن ظلت متماسكة ماديا حتى الآن، وذلك الغرور مظنة التعجيل بانهيار صروحهم، سنة كونية جارية مصداق قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ)، وقد أصابهم من الفرح والغرور بالدنيا ما أصابهم.

وأخيرا: نضوج العالم الإسلامي في العصر الحاضر، مع ظهور صحوة إسلامية مباركة، جرى عليها ولا زال ما يجري على أي حركة تجديدية للدين من ابتلاءات تارة، وأخطاء مردها العجلة تارة أخرى ........ إلخ، ولكنها في جملتها تسير بخطى ثابتة ولله الحمد والمنة.

والله أعلى وأعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير