تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وكذلك: ما علم بالحس الصحيح لا يناقضه خبر ولا معقول". اهـ

بتصرف من: "الجواب الصحيح(2/ 533_536).

ويقول في موضع تال:

"والأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه معصومون لا يقولون على الله إلا الحق ولا ينقلون عنه إلا الصدق.

فمن ادعى في أخبارهم ما يناقض صريح المعقول كان كاذبا بل لا بد أن يكون ذلك المعقول ليس بصريح أو ذلك المنقول ليس بصحيح.

فما علم يقينا أنهم أخبروا به يمتنع أن يكون في العقل ما يناقضه.

وما علم يقينا أن العقل حكم به يمتنع أن يكون في أخبارهم ما يناقضه.

وقول أهل الاتحاد من النصارى وغيرهم سواء ادعوا الاتحاد العام أو الخاص قد علم بصريح العقل بطلانه فيمتنع أن يخبر به نبي من الأنبياء بل الأنبياء عليهم السلام قد يخبرون بما يعجز العقل عن معرفته لا بما يعلم العقل بطلانه فيخبرون بمحارات العقول لا بمحالات العقول.

ومن سوى الأنبياء ليس معصوما فقد يغلط ويحصل له في كشفه وحسه وذوقه". اهـ

بتصرف من: "الجواب الصحيح(2/ 538، 539).

فضلا عن كون ذلك مبطلا للحجة الرسالية، فإنها لا تقوم إلا بخبر صحيح صريح تدركه العقول، إذ من شروط صحة التكليف التي قررها أهل العلم: أن يكون المكلف به معلوما، ولا يكون معلوما حتى يتصوره الذهن، فلا يحيله، وإن احتار في حقيقته، بخلاف ما قد يفرضه العقل من المحالات فإنها مما لا يصح التكليف به، ولذلك كانت مقالة النصارى، على سبيل المثال، عقبة كؤودا في طريق العقل الأوروبي الذي أجبر على قبول مقالة تناقض صحيح المنقول وصريح المعقول، فلا الرسل، عليهم السلام، قررت الشرك فنعتت الرب، جل وعلا، بأوصاف النقص التي يصفه بها المثلثة، ولا العقل الصريح يوافق ذلك، إذ وصف الله، عز وجل، بالنقص: محال لذاته، لا تتصوره الأذهان إلا على سبيل الفرض العقلي المحض على وزان قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (16) لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ)، واتخاذ اللهو: نقص مطلق، يتنزه عنه آحاد الخلق فكيف بالخالق عز وجل؟!!، ولذلك ذيل الآية بقوله تعالى: (إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ)، فعلق المشروط على شرط أداته، وهي: "إن تدل على الندرة بخلاف: "إذا" التي تدل على الكثرة، إشارة إلى بعد ذلك، بل استحالته، وإنما سيق مساق الفرض العقلي المحض، كما تقدم، ولا يلزم من ذلك جوازه فضلا عن وجوبه، فهو محال ذاتي في حق الباري عز وجل.

يقول صاحب رسالة "العلمانية" حفظه الله وسدده وأتم شفاءه:

"إن المواقع التي احتلها العلم من مناطق نفوذ الدين هي في الحقيقة المواقع التي انتصر فيها العقل واليقين على الخرافة والوهم، كما أن المواقع التي صمد فيها الدين أمام الهجوم العلمي الكاسح هي المواقع التي انتصرت فيها الحقيقة الموحاة على التخرصات والأهواء.

وحينئذ نستطيع أن نقول مطمئنين: إن الحق في كل من الطرفين هو الذي انتصر، أو سينتصر، على الباطل في كليهما، وأنه لو كان الدين الأوروبي حقاً خالصاً والعلم الأوروبي يقيناً مجرداً لما حدثت معركة على الإطلاق.

وبما أن الدين بصبغته الإلهية النقية لم يدخل المعركة، فإن الأوفق أن نسمي ما حدث في الغرب صراعاً بين الكنيسة والعلم، وليس بين الدين والعلم". اهـ

"العلمانية"، ص146.

وفي مقابل هذا الظلام الدامس سطعت أشعة العلم من الحواضر الإسلامية التي التقى فيها الشرق المسلم بالغرب النصراني، فكان علماء الإسلام، أصحاب اليد الطولى في العلوم التجريبية، فراجت في الشرق المسلم علوم الطب والجبر والفلك .............. إلخ، فضلا عن عصمة العلوم الإلهية التي حفظتها الصدور والسطور من التحريف، فلم يقع بينها وبين العلوم التجريبية ذلك الصراع المحموم الذي وقع بين الكنيسة والعلم، بل إن العلوم الإلهية الإسلامية قد أمرت بالسير في الأرض، وتأمل الآيات الآفاقية، فزكت أصحاب العقول وأمرت بإعمالها في غير الإلهيات تأملا واستنباطا، إذ لا عمل للعقل في غيب لا يدركه الحس المستقبل الأول للبيانات التي يحللها العقل ليستنبط منها النتائج، فأنى له أن يستنبط ولم يأته بيان أصلا؟!!.

يقول صاحب رسالة "العلمانية":

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير