أغاليط))، وعن أبي زرعة قوله فيه: ((كان كثير الحديث، صاحب وهم، يغلط أحياناً)).
انظر: " تحفة الأشراف " 8/ 336 (11780).
قلت: على ما قدمنا من حال شريك، فإنَّ حاله لا يسمح له بالتفرّد، كما أنَّ شريكاً قد خولف في هذا الحديث، وإنْ كان من خالفه لا يرتقي لمرتبته.
فقد أخرج: أبو داود بعيد (839) وفي " المراسيل "، له (42)، والطحاوي في " شرح المعاني " 1/ 254 وفي ط. العلمية (1482)، والطبراني في " الأوسط " (5911) كلتا الطبعتين، والبيهقيُّ 2/ 99 من طريق همام، قال: حدثنا أبو الليث، عن عاصم ابن كليب، عن أبيه: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إذا سجدَ وقعتْ ركبتاهُ إلى الأرض قبلْ أنْ تقع كفّاه.
والحديث بهذا الإسناد معلول لا يصح، وذلك أنَّ شقيقاً مجهول، قال الطحاوي في الموضع السابق: ((وشقيق أبو الليث هذا فلا يعرف))، وقال ابن القطان في " بيان الوهم والإيهام " (36): ((هو لا يعرف بغير رواية همام عنه))، وقال ابن حجر في " لسان الميزان " (3297): ((لا يعرف))، وقال في " التقريب "، له (2819): ((مجهول)).
وعلى جهالة شقيق فإنَّه قد اضطرب في رواية هذا الحديث فكما تقدم رواه عن عاصم ابن كليب، عن أبيه. ورواه عند ابن قانع في " معجم الصحابة " (678) عن عاصم بن شنتم، عن أبيه، به. قال ابن حجر في " تهذيب التهذيب " 4/ 331: ((فإنْ صحت رواية ابن قانع فيشبه أنْ يكون الحديث متصلاً، وإنْ كانت رواية أبي داود هي الصحيحة فالحديث مرسل، وشنتم ذكره أبو القاسم البغوي في " معجم الصحابة " كما قال ابن قانع، وقال: لم أسمع لشنتم ذكراً إلا في هذا الحديث، وقال ابن السكن: لم يثبت، ولم أسمع به إلا في هذه الرواية انتهى، وقد قيل في شهاب بن المجنون جد عاصم بن كليب إنَّه قيل فيه شتير، فيحتمل أنْ يكون شنتم تصحيف من شتير، ويكون عاصم في الرواية هو ابن كليب، وإنَّما نسب إلى جده، والله أعلم)).
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جعل هذا الحديث حديث همام، وأعلوا به حديث شريك، قال الترمذي عقب (268): ((وروى همام، عن عاصم هذا مرسلاً، ولم يذكر فيه وائل بن حجر))، وقال عبد الحق الإشبيلي في " الأحكام الوسطى " 1/ 399 عقب ذكره لرواية شريك: ((رواه همام، عن عاصم مرسلاً وهمام ثقة)).
إلا أنَّ ابن الجوزي قال في " التحقيق في أحاديث الخلاف " (518): ((وهذا لا يضر؛ لأنَّ الراوي قد يرفع وقد يرسل)). وقد تعقّب ابنُ الملقن الترمذيَّ، فقال في " البدر المنير " 3/ 657: (( ... ثم ننبه بعد ذلك لأمور وقعت في كلام الترمذيِّ رحمنا الله وإياه:
أولها: قوله: ((لا نعرف أحداً رواه غير شريك)) وقد علمت من حال كلام الحازميِّ الحافظ أنَّ همام بن يحيى رواه من طريقين وأخرج أبو داود الطريق الثاني، وقد قال الترمذيُّ نفسُهُ بعد ذلك: ورواه عاصم، عن همام مرسلاً.
ثانيها: قوله: إنَّ عاصماً رواه عن همام غير معروف، إنَّما رواه همام، عن شقيق، عن عاصم، وكذا ذكره أبو داود، وهو نفسه في علله.
وثالثها: نقل مثل ذلك عن يزيد بن هارون أنَّ شريكاً لم يروِ عن عاصم بن كليب إلا هذا الحديث وأقرّه عليه، وهو عجيب منهما فقد روى شريك، عن عاصم بن كليب عدة أحاديث، أحدها: حديث: رأيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم حينَ افتتحَ الصلاةَ رفعَ يديهِ حيالَ أذنيه، رواه أبو داود، عن عثمان بن أبي شيبة، عن شريك، عن عاصم، عن أبيه، عن وائل ... )) انتهى وذكر حديثين آخرين.
وقال ابن القطان أيضاً في " بيان الوهم والإيهام " (36) معقباً على كلام عبد الحق: ((كذا قال، وظاهره أنَّ هماماً خالف شريكاً فرواه، عن عاصم مرسلاً، ورواه شريك، عن عاصم متصلاً كأنَّهما جميعاً روياه عن عاصم، والأمر فيه ليس كذلك عند أبي داود، وإنَّما يرويه همام، عن شقيق، قال: حدثنا عاصم بن كليب، عن أبيه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم هكذا مرسلاً، فهمام إذن لم يروِه عن عاصم، ويؤكد قبح هذا العمل ضعف شقيق الذي عنه رواه همام، فإنَّه شقيق أبو الليث هو لا يعرف بغير رواية همام عنه، فإسقاطه إزالة ضعيف من الإسناد، وهي التسوية، وقد تبين في كتاب " المراسيل " في نفس الإسناد أنَّه شقيق أبو الليث، فاعلم ذلك)).
¥