فترجح عندي أن هذا المصطلح "صالح الحديث" توثيق وان لم يكن من أعلى درجاته عنده رحمه الله.
وأما احتمال كونه مجهولا فهذا منتف قطعا، فإن أبا حاتم من أشد الناس على المجاهيل، فقد ذكر العلامة عبد الله السعد حفظه الله في رسالته جهالة الراوي -التي دلني عليها أخونا أمجد جزاه الله خيرا-، بعد ما ذكر مناهج العلماء في المجهول أنهم على ثلاثة مذاهب فقال:
فصل في بيان المذاهب في المجهول
يظهر من تتبع أقوال أهل العلم وتصرفاتهم ودراسة مناهجهم عند الحكم على الرواة والأحاديث أن المذاهب والأقوال في هذه المسألة يمكن أن ترد إلى ثلاثة مذاهب:
1 - من يتوسع في توثيق المجاهيل أو تصحيح أحاديثهم كما هو مذهب أبو حاتم ابن حبان، وقريباً منه أحمد بن صالح العجلي وأبو جعفر بن جرير الطبري وأبو عبد الله الحاكم في "المستدرك" وقد تقدم شرح ذلك، وبمقابل هذا المنهج مسلك آخر، وهو:
2 - من يتشدد في الجهالة ويضيّق حدّ التوثيق كـ:
أبي حاتم الرازي، قال الذهبي في مقدمة "الميزان": وقد احتوى كتابي هذا على ذكر الكذابين الوضاعين ..... إلى أن قال: ثم على خلق كثير من المجهولين ممن ينص أبو حاتم الرازي على أنه مجهول، أو يقول غيره: لا يعرف أو فيه جهالة أو يجهل أو نحو ذلك من العبارات التي تدل على عدم شهرة الشيخ بالصدق إذ المجهول غير محتج به اهـ.
وقال أيضاً (1/ 6): ثم اعلم أن كل من أقول فيه مجهول ولا أسنده إلى قائل فإن ذلك هو قول أبي حاتم الرازي فيه , وسيأتي من ذلك شيء كثير جدا فاعلمه ا. هـ.
ويظهر من قول الذهبي هذا أن أبا حاتم يكثر من الحكم بالجهالة على الرواة أكثر من غيره , وهذا ظاهر لمن تتبع أقواله. اهـ - وضرب أمثلة على ذلك-
قلت، والذي ظهر لي في كتاب الجرح والتعديل أن أبا حاتم أنه اذا كان الراوي مجهولا فإما أن يصرح بذلك فيقول مجهول أو أنه يقول لا أعرفه أو يورده ثم يسكت عليه ولا يذكره بجرح ولا تعديل.
وليس قوله رحمه الله في هذا الكتاب في الراوي أنه مجهول يعني بذلك جهالة العين كما أشار لذلك الحافظ السخاوي رحمه الله في فتح المغيث اذ قال: قول أبي حاتم في الرجل أنه مجهول لا يريد به أنه لم يرو عنه سوى واحد بدليل أنه قال في داود بن يزيد الثقفي مجهول مع أنه قد روى عنه جماعة ولذا قال الذهبي عقبة هذا القول يوضح لك أن الرجل قد يكون مجهولا عند أبي حاتم ولو روى عنه جماعة ثقات يعني أنه مجهول الحال وقد قال في عبد الرحيم بن كرم بعد أن عرفه برواته جماعة عنه أنه مجهول. اهـ
والله تعالى أعلم