لقد استفاد الإمام الزّر قانيّ في شرحه هذا من كتب الحديث المعتمدة كالأمّهات الستّة، ومعاجم الطّبراني، وكتب الدّار قطني، ومستدرك الحاكم، وصحيح ابن حبان وغيرها من كتب متون الحديث.
كما استقي وأفاد من كتب شروح الحديث كفتح الباري لابن حجر، والتّمهيد لابن عبد البرّ،
والمنتقي للباجي، وشرح مسلم للنّوويّ وغيرها؛بل هذه الأربعة هي المعتمدة عنده في شرح
الحديث وتوضيحه؛ فإنّه كثيرُ النّقل عنها، وإن كان يتصرّف في العبارة في بعض الأحيان.
4/منهجه:
إن ّمنهج المؤلّف في كتابه هذا يظهر من خلال أمور هي كالتّالي:
1 - بدأ المؤلّف كتابه بمقدّمة ذكر فيها:
أ-أنّه بدأ بهذا الشّرح سنة تسعٍ بعد المائة وألفٍ من الهجرة النبويّة.
ب-أنّ هذا الشّرح شرحٌ وسطٌ لا بالقصير المخلّ ولا بالطّويل المملّ.
ج_ترجمةً وافيةً عن الإمام مالك وقيمة كتابه الموطأ العلميّة عند أهل الشّأن، ومن سمع منه
من علماء البلدان ورواة الآثار من أهل الآفاق.
د-أنّ سبب تأليفه للكتاب هو ندرة شروح الموطّأ مع كثرتها في مصر وعزَّّتها فيها في زمانه.
هـ-كما ذكر فيها أنّه إذا أطلق الحافظ فمراده " ابن حجر العسقلاني".
2 - مزج المؤلّف متن الموطأ بالشّرح، وهي طريقةٌ مفيدةٌ مسلوكةٌ عند أهل العلم،ومشي فيه
علي ترتيب الأصل، ولم يغيّر فيه شيئاً حسب علمي.
3 - اعتني المؤلّف بضبط الغريب وتفسيره، وشرح جميع ألفاظ الكتاب معتمداً علي كتب اللّغة وقواميسها الأصيلة مع الاعتناء بأوجه الإعراب اعتناءً فائقًا.
4 - يذكر المؤلّف أقوال العلماء في المسائل الفقهيّة وأوجهِ الخلاف فيها مع بيان أدلّتهم عليها،
وغالباً ما يورد أدلّة المالكيّة منافحًا عنها وناقضًا لما قيل فيها من قدحٍ واعتراض.
5 - يذكر المؤلّف من أخرج الحديث من أصحاب الكتب الستّة وغيرهم، وخاصّة إذا كان الحديث المشروح في الصّحيحن، أنظر مثلا: (1/ 224,214,214,174).
6 - كذلك يخرّج الأحاديث الّتي يوردها خلال شرحه للأحاديث من مصادرها الأصليّة، بل ربّما يسهب في ذلك. أنظر مثلا: (1/ 22).
7 - يحكم كثيرًا علي الأحاديث والآثار الّتي يستشهد بها في شرحه، بقوله مثلاً:" بسند صحيح" ونحو ذلك. أنظر مثلاً: (2/ 225,198).
8 - يعرِّف علي رجال السّند باختصارٍٍ شديد، مكرِّرا ًالتَّراجم لما جُبل عليه غالب النَّاس من النِّسيان.*
9 - يعتني المؤلّف أحياًنا بذكر من تابع الإمام مالكاً سواء متابعةً تامّة أو قاصرة، أنظر مثلاً: (1/ 176،97).
10 - يذكر أهمّ ما اشتمل عليه الحديث من الفوائد الفقهيّة والنّكت العلميّة.
11 - يعتني المؤلّف عنايةً فائقةً بالجمع بين الأحاديث الّتي ظاهرها التّعارض والإشكال! إمّا بأجوبةٍ منقولةٍ عن أهل العلم السّابقين، أو بما أدّاه إليه اجتهاده وفهمه الثّاقب. أنظر مثلاً: (1/ 243،192،113) و (2/ 212).
6/ قيمة الكتاب العلميّة وثناء أهل العلم عليه:
هذا ولقد أثني علي هذا الكتاب غيرُ واحدٍ من أهل العلم، ومنهم:
1 - محمد علوي المالكيّ الحسني حيث يقول:"وبعد هذا فلا أظنّ أنّني مجانبٌ للواقعِ الصّادقِِ إن قلت: إنّ هذا الشّرح أحسن شروح الموطأ المتوسّطة، مفيدٌ لمن اقتصر عليه، وجيّدٌ لمن رجع إليه".
2 - وقال الإمام محمد الكاندهلويّ 1402هـ رحمه الله:" ... شرحهُ نفيسٌ أكثره مأخوذٌ من فتح الباري للحافظ .... ،واستعنت بشرحه رحمه الله في هذا التّعليق كثيراً كأنّه ملخصٌ منه".
وقد ذكر الإمام محمد مخلوف بأنّ الله وضع له القبول بين العلماء، فقال:"له تآليفٌ منها: شرح المواهب اللّدنيّة جليلُ الفائدة،دلّ علي علمٍ واطّلاعٍ وطول الباع، وشرحُ الموطأ كذلك رُزق فيه القبول".
7/ عناية العلماء به:
مع علوّ شأن هذا الكتاب، ورفعةُ منزلته، وكثرة فوائده إلاّ أنّي لم أر أحدًا من أهل العلم اعتني به
إمّا تعليقاً أو اختصاراً أو غير ذلك.
ولا شكّ أنّ أهل العلم يستفيدون منه في شرحهم للموطأ وغيره لما فيه من الدّّرر العوالي والفوائد الغوالي.
وأخيرًا هذا ما سنحَ به قلمي، ووقفتُ عليه بعد البحث والتّفتيش، فما كان من صوابٍ فمن الله، وما كان من خطأٍ فمنّي ومن الشّيطان، والله الهادي إلي سواء السّبيل.
وصلّي الله علي محمّدٍ وعلي آله وصحبه وسلّمَ تسليمًا كثيرا.
من إعداد الطّالب/ حسين حسن علي الصّوماليِّ
الدّراسات العليا-قسم علوم الحديث.
الجامعة الإسلاميَّة بالمدينة النبوية
ـ[أبي الأنوار]ــــــــ[16 - 01 - 09, 01:12 ص]ـ
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا على ما بينته و أوضحته.
أرجو من الأخ حسين-جزاه الله خيرا-أن يتأكد من قوله:"ومشى فيه علي ترتيب الأصل، ولم يغيّر فيه شيئاً حسب علمي."
فقد ذكروا أنه -رحمه الله-تصرف في أبوابه.