ـ[بديع الزمان]ــــــــ[25 - 08 - 2004, 12:07 ص]ـ
أخي الفاضل ديك الجن
حوار ممتع شائق هذا الذي يدور بينكم ومع أنني لست ممن يحسن العوم في بحار النقد وتحليل الإبداع الفنّي إلا أنني أرجو أن تسمح لي بمداخلة معكم ولست منكم!
أرى أخي الكريم أنك بنيت رأيك في تحليل هذا النص على رؤية نقدية تحليلية خاصة اعتمدت التعمق في بحر القصيدة العميق إلى حد بعيد وهي رؤية تدل على ذهن حاضر وقريحة متوقدة0
ما يراه فهمي المتواضع أنّ الشاعر أراد بالضلالة والهدى معناهما الأصلي المعجمي العربي وفق ما أورده الأستاذ الفاضل النحوي الكبير 0
لا داعي لتكرار الظروف التي ولدت فيها هذه القصيدة الذائعة وظروف الشاعر قبل الرحلة وأثناءها فالجميع يعلمها ........
يبدو الشاعر في مطلع قصيدته متشوقا متلهفا لحياته البدوية البسيطة وليس لحياة الفتك واللصوصية فهو يتذكر الغضا والقلاص النواجيا وأهل الغضا الذين هم أهله ومن ثم يخرج بنا في حالة من الدهشة والاستغراب التي سيعيشها حتما من عرف حياة هذا الشاعر قبل المسير إلى خراسان غازيا فقد كان مضرب المثل في الفتك وقطع الطريق ومن هذه حاله يصعب تحوله إلى حالة أخرى على النقيض منهاتماما لكن هذا ما تحقق له وهو غريب مدهش فجاء به على هيئة استفهام تعجبي يأخذ بالألباب ويدعم هذا تعجبه من حاله وهو يقول فلله دري حين أترك طائعا ولك أخي الكريم أن تقف بإزاء طائعا هذه مليّا فإنها صريحة في الدلالة على اختياره طريق الهدى والجهاد وإن كان ذلك يخالف هواه وأن يجيب داعي العقل وإن هتف به فؤاده لتذكر الأهل والوطن بل قد ذهب أبعد من ذلك إلى أن أبويه لو اطلعا على عزمه سينهيانه مشفقين ومع يقينه بذلك إلا أنه لبّى داعي الجهاد عن قناعة وطواعية!
ألم يقل في إعجاب ظاهر ودرّ انتهائيا؟! فعمّ انتهى وإلام انتقل؟ هل ينتهي العاقل عن الهدى إلى الضلال أو العكس؟
من عمرو الذي قال عنه: جزى الله عمرا خير ماكان جازيا!
أخي ديك الجن ما صنعته أنت أنك سلكت بتعبير الشاعر مسلك المجاز فجعلت له هدى خاصا به و ضلالا خاصا به أيضا و لا يكون ذلك إلا بقرينة واضحة تصرف اللفظ عن معناه الأصليّ إلى معنى آخر وبحثتُ عن قرينة هنا فلم أجد 0 ولو كان الأمر كذلك لكان لكل متكلم عربي معان خاصة به وليس لأحد أن يناقشه فيها0
شكرا لك أخي لإتاحة الفرصة للحوار معك والخربشة في موضوعك الماتع0
أخوك / بديع الزمان0
ـ[ديك الجن]ــــــــ[25 - 08 - 2004, 02:02 ص]ـ
مرحبا بك وحياك الله أخي بديع الزمان
ما كان النقاش ليكون جميلا ما تعا لولا مشاركة الإخوان ومشاركتك فيه، ونحن معا نعيش مع قصيدة شهيرة يقول كل منا فيها رأيه ويشعل ضوءا من جهته لتزداد الأضواء وهذه أهم فوائد الاختلاف في الرأي وأحلى ثمرات المذاكرات.
أعجبني حقا رأيك ـ وإن اختلفنا ـ فأنت مثلي تستنطق القصيدة نفسها عما يؤيد رأيك.
أخي: تقول: " الشاعر أراد بالضلالة والهدى معناهما الأصلي المعجمي العربي ". وأنا أيضا أقول ذلك فالمعنى المعجمي العربي الأصلي هو معنى الكلمة قبل أن يضاف إليها المعنى الديني مثلما أن الحج لا يعني في اللغة سوى القصد، فقولي حججت إلى بغداد لا يعتي إلا أني سافرات إليها وقصدتها لا أني أديت مناسك الحج فيها.
وكذلك الضلالة فهي لا تعني سوى الاختيار الذي نخسر فيه، ومالك خسر حياته في سفره ولا يجب البحث عن قرينة إذا لم تحرج المفردة عن معناها الأصلي.
أما دعاؤه لعمرو فأمر متوقع منه ولا يمكن أن يدعو عليه فعمرو أميره له عليه أفضال منها أنه ترك معه من يقوم بشأنه أثناء موته، ومنها بالتأكيد أنه أخرجه من عالمه الأول.
أما قوله: " فلله دري ... ) فهو لم يثني على انتهائه فحسب بل أثنى على كل ماضيه بما فيه الانتهاء، ألا ترى أنه أثنى حتى على الرجال الذين كانوا يشهدون تفتكه؟ وأثنى على الهوى وعلى اللجاجات وعلى الانتهاء، وهي أمور كلها من ماضيه وينظر إليها كلها بمنظار واحد فكلها حياته.
ثم إني أرى (لو) في قوله عن أبويه (لو نهانيا) تفيد أنه يتمنى لو أنهما نهياه عن الخروج.
أخي بديع: هل تراني فعلا جعلت له هدى وضلالة خاصين به؟
وكيف أفعل وهذا المعجم بيني وبينه وبينك؟
المعنى المعجمي الأصلي لا يعني إلا المعتى الذي كان للكلمة قبل أن يدخل عليها معنى ديني آخر؟
هذا ولو أنه أراد بالهدى الجهاد لكان ملأ القصيدة بمعان الجهاد وليس بـ " در لجاجاتي ودر الرجال الشاهدين تفتكي ودر الهوى من حيث يدعو صحابه "!!
أحي بديع الزمان: لي سؤال لك وللإخوان:
ما الذي يعنيه مالك بقوله:
لعمري، لئن غالت خراسان هامتي**لقد كنت عن بابي خراسان نائيا
فإن أنج من بابي خراسان لا أعد**إليها، وإن منيتموني الأمانيا
إنني أعتز بالحوار معكم وعلينا أن لا نطمع في اتفاق كامل. علينا فقط أن نقول ما نراه وأن يضيء كل منا مصباحه وسيغمر النور المكان.
حياكم الله.
¥