أريد لأنسى ذكرها فكأنما * * * تمثّل لي ليلى بكل سبيل
ولو أن ألفاً دون بثنة كلهم * * * غيارى وكل حارب مزمع قتلي
لحاولتها إما نهارا مجاهرا * * * وإما سرى ليل ولو قطعت رجلي
فلا تقتليني يا بثين ولم أصب * * * من الأمر ما فيه يحِلّ لكم قتلي
فأنت لعيني قرّة حين نلتقي * * * وذكرك يشفيني إذا خدرت رجلي
يقولون: مهلا يا جميل وإنني * * * لأقسم ما لي عن بثينة من مهل
إذا ما تراجعنا الذي كان بيننا * * * جرى الدمع من عيني بثينة بالكحل
فلو تركت عقلي معي ما طلبتها * * * ولكن طلابيها لما فات من عقلي
خليليّ فيما عشتما هل رأيتما * * * قتيلا بكى من حبّ قاتله قبلي
ولست على بذل الصفاء هويتها * * * ولكن سبتني بالدّلال مع البخل
أيا ريح الشمال أما تريني * * * أهيم وأنني بادي النحول
هبي لي نسمة من ريح بثنٍ * * * ومُنّي بالهبوب إلى جميل
وقولي يا بثينة حسب نفسي * * * قليلك أو أقل من القليل
وإني ليرضيني قليل نوالكم * * * وإن كنت لا أرضى لكم بقليل
أشاقتك المعارف والطلول * * * عَفَوْنَ وخفّ منهنّ الحمول
نعم فذكرت دنيا قد تقضّت * * * وأيّ نعيم دنيا لا يزول
أسائل دار بثنة أين حلّت * * * كأن الدار تخبر ما أقول
فمن هذا يبلّغها رسولاً * * * كذاك لكل ذي حاج رسول
فيسألها وينظر هل إليها * * * لخلوة ساعة منها سبيل
وقلت لها: اعتللت بغير ذنب * * * وشرّ الناس ذو العلل البخيل
ففاتيني إلى حَكَمٍ من اهلي * * * وأهلك لا يحيف ولا يميل
فقالت: أبتغي حكما من اهلي * * * ولا يدري بنا الواشي المحول
فولّينا الحكومة ذا سجوف * * * أخا دنيا له طرف كليل
فقلنا: ما قضيت به رضينا * * * وأنت بما قضيت به كفيل
قضاؤك نافذ فاحكم علينا * * * بما تهوى ورأيك لا يفيل
فقلت له: قُتِلْتُ بغير جرم * * * وغِبُّ الظلم مرتعه وبيل
فسل هذي: متى تقضي ديوني * * * وهل يقضيك ذو العلل المطول؟
فقالت: إن ذا كذب وبطل * * * وشرّ من خصومته طويل
أأقلته وما لي من سلاح * * * وما بي لو أقاتله حويل؟
ولم آخذ له مالا فيلفى * * * له دين عليّ كما يقول
وعند أميرنا حكم وعدل * * * ورأي بعد ذلكم أصيل
فقال أميرنا: هاتوا شهودا * * * فقلت: شهيدنا الملك الجليل
فقال يمينها وبذاك أقضي * * * وكل قضائه حسن جميل
فبتّت حلفة ما لي لديها * * * نقير أدّعيه ولا فتيل
فقلت لها وقد غلب التّعزّي: * * * أما يُقضى لنا يا بثن سول؟
فقالت ثم زجّت حاجبيها * * * أطلت ولست في شيء تطيل
فلا يجدنّك الأعداء عندي * * * فتثكلني وإياك الثكول
أبثين إنك قد ملكت فأسجحي * * * وخذي بحظّك من كريم واصل
فلربّ عارضة علينا وصلها * * * بالجدّ تخلطه بقول الهازل
فأجبتها بالقول بعد تستّر * * * حبّي بثينة عن وصالك شاغلي
لو كان في صدري كقدر قلامة * * * فضل وصلتك أو أتتك رسائلي
ويقلن: إنك قد رضيت بباطل * * * منها فهل لك في اجتناب الباطل
ولباطل ممن أحبّ حديثه * * * أشهى إليّ من البغيض الباذل
ليزلن عنك هواي ثم يصلنني * * * وإذا هويت فما هواي بزائل
صادت فؤادي يا بثين حبالكم * * * يوم الحجون وأخطأتك حبائلي
منّيتني فلويت ما منّيتني * * * وجعلت عاجل ما وعدت كآجل
وتثاقلت لما رأت كلفي بها * * * أحبب إليّ بذاك من متثاقل
وأطعت فيّ عواذلا فهجرتني * * * وعصيت فيك وقد جهدن عواذلي
حاولنني لأبتّ حبل وصالكم * * * مني ولست وإن جهدن بفاعل
فرددتهنّ وقد سعين بهجركم * * * لمّا سعين له بأفوق ناصل
يمشين حول عقيلة منسوبة * * * كالبدر بين دمالج وخلاخل
نصح الحميم يجول في أقرابها * * * حول الحباب إلى الحباب الجائل
يعضضن من غيظ لعيّ أناملا * * * ووددت لو يعضضن صمّ جنادل
ويقلن: إنك يا بثين بخيلة * * * نفسي فداءك من ضنين باخل
ولن ألفتك أو وصلت حبالكم * * * لعلى المودّة من ضمير الواصل
فصلي بحبلك يا بثين حبائلي * * * وعدي مواعد منجز أو ماطل
قافية الميم
أتوها بقولٍ لم أكن لأقوله * * * وكلّهم حرف عليّ ظلوم
بقولٍ جزيت النار إن كنت قلته * * * وكلّ جزاء الظالمين أليم
لكِ الخير هلاّ عجت حتى تفهمي * * * وذو اللّب في كل الأمور فهيم
فتستيقني أن لم يكن من خلائقي * * * وذلك أمر يا بثين عظيم
ألا ليتني أعمى أصمّ تقودني * * * بثينة لا يخفى عليّ كلامها
قافية النون
شهدت بأني لم تغيّر مودّتي * * * وأني بكم حتى الممات ضنين
¥