تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

- "وفي قوله: «واقتاده الهوى». إمعان في الإشارة إلى أنه مغلوب على أمره، فليس مدعواً فحسب بدعوةٍ خَفَّ لتلبيتها، وإنما قيَّدهُ الهوى الصادقُ المُبَرِّحُ بسلاسلهِ، فلم يزل يرسف في تلك القيود حتى أحله هذا الموطن. فهو في أول أمره خف تلبية للدعوة، ولكن داعي الشوق لم يقنعه ذلك حتى أغرى به الهوى فقيده بقيده، فهل رأيتم كحال هذا الأسير يا سادة! "

(قالت منار باسمة يفيض وجهها الصبوح بالإعجاب:

ـ لا .. لا يا بن هشام!

(بادلتُها الإعجاب ثم تابعتُ:

ـ بل تأملّي هنا:

4 - " وفي قوله: كما قِيْدَ عَودٌ بالزمامِ أَديبُ.

هل تعلمون ما هو العَوْدُ؟ "

لحظة .. لحظة .. قبل أن يُكملْ .. أتدرين ما هو العَوْدُ؟! أجيبي سؤاله!!؟

ـ الـ (العَوْدُ) الذي في البيت:

"غَريبٌ دعاهُ الشَّوقُ، واقتادَهُ الهَوَى** كما قِيْدَ عَودٌ بالزمامِ أَديبُ "

ـ نعم، وهل ثمة غيره؟؟!

ـ حسنا .. ألا يكون (الرجل الكبير) عطفا على (غريب) حين أراد تشبيه ذاك الغريب!؟

فهذا الغريب (عَوْدٌ مقيّد)!!،لدينا (بالعاميّة (العود) الرجل الكبير!!) عذراً لسرقة المعنى، ولكن يا وسن قال: (الزمام)!

وهذه توحي بـ ... لحظة .. ! ولكن أديبُ ... !

ـ إذن لندع هذه الحيرة، التي ستتبعثر وتهرب من ضياء ابن هشام،إزاء تحليله البديع،الذي سيدهشك فيه،قدرته التأمليّة في قبض الكلمات والمعاني من أوكارها،ثم سكبها في قالبٍ جمالي يغريك بالأبيات التي لم يكن لها هذا الهطول لولا مثل هذا الإغراء بمزيد قراءة .. بل وحفظ .. !

ـ أكملي بربك ماذا قال:

ـ كم تدفعين؟!

ـ وسن!!: mad:

ـ منار، لن تخيفيني! لن أُكمل، أخبريني كم ستدفعين؟!!: rolleyes:

ـ سأدفع الكثير لكن قبل هذا .. سأرى كم تدفعين أنتِ لي، لو قمتُ الآن وذهبت، وتركتك مع صويحباتنا الصاخبات بالأزياء و ...

ـ لا بربك لا تكملي .. سأُتابع .. لكن تذكري أنه انحناء السنبلة!!! ;)

ـ نعم أيتها السنبلة .. تابعي ..

ـ قال:

" هل تعلمون ما هو العَوْدُ، إنه الجَمَلُ المُسِنُّ الذي لا تزال فيه بقيةٌ من نشاط، وقد صوَّره هنا بأنه قد قِيْدَ بالزمامِ فانقاد لأَدبهِ وطاعتهِ لصاحبه الذي يقوده، وهو هنا الهوى الذي قاده. وكأَنِّي به وقد شبَّه نفسَه بذلك الجَمَلِ الوقورِ المُسِنِّ المطيعِ، يرمي إلى أَنَّهُ صادقُ الحُبِّ، وقورُ الوُدِّ، لم تأتِ بهِ نَزغةُ حبٍّ كاذبةٍ كما يصنعُ قليلو الحياءِ، وعديمو الضمير من هتكة أعراض العفائف، ولصوص الأعراضِ، وإِنَّما هو ذلك الحبُّ الصادقُ الذي يقتادُ مِثلَهُ في حلمهِ وأناته، ويمنعه عفافه وحياؤه أن يبين عن حاجته، أو يصرح بطلبته"

ـ ياااه .. ياله من أديب .. !

أتدرين ....

هذا ما يفعله الحب الصادق الذي إن فاض، فأول ما يفيض به وقاره وعفافه، ذاك التورّد الجميل على محيّاه،ما يلفّه جمالاً فوق حسنه وبهائه.

ـ راااائع.

ـ لا تعجلِ، و استمعي إلى ما أتمّ به:

"وتأملها يذهب بك بعيداً إلى تلك الأجواء البدوية التي قيلت فيها، بعيداً عن جفاف الانترنت وأكوادها، حيث لا تعرف المشاعرُ إلا الصدق، وإن حاولت الكذب لم تهتد إليه."

ـ الآن ما رأيك في كل هذا .. ؟!

ـ خطير!

[ line]

ـ بربكم .. ما هو (الدين) الذي يُطالب به هذا (العَوْد الأديب الوامق الوقور الصادق)؟!

لا تبتعدوا كثيراً،،،! ليس بأكثر من حبّ عصف بقلبه الرقيق الأبيض الطاهر .. لا يريد ولا يبتغي غير (فتاته)،أعني غير حبه .. يريد أن ينعم إلى جواره .. يرتوي من غيمه .. يجود عليه بمزنه وقطره .. يريد أن يدفء بخيوط شمسٍ ستحمي لواعج قلب .. ويسمر بصحبة قمر لم يبتذل عناء الرحيل .. ولا كمد الظعن إلا له .. !

أوَ تُراه طلب كثير؟؟!

(أو نفته حروب)؟ أتركوه بربكم أتركوه .. لا يحلم بأكثر من هذه النظرة الخجلى التي يريد .. على الرغم من فواصل زمن .. ومسافةٍ تقف .. أتركوه .. فقد نفته لدياركم هذه .. صراعات عاطفيّة، مشاعريّة، لم يقوَ على حكمها .. صراع يقوده هذا (الحب) الذي ألجم ما دونه، فساروا جنودا طائعين،غير مجافين .. تُرفرف أعلامهم لنصرةِ قائدهم الذي أضنته الحلول،عفوا .. الحروب!

فبات مكلوم الفؤاد ضعيف الوداد إلا بأُنسِ.و أنفاسِ دياركم .. هذه التي تحمل عبير من لا تدرون .. !!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير