تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بمعنى أمشي، هذا قول ابن عطية في تفسيره المحرر الوجيز، طبعة قطر 11/ 22، وشرح ابن جني لها أدق عندما قال إن معناها يكثرون المشي (انظر: المحتسب له 2/ 120) واستشهد لها بشاهد آخر للمتنخل الهذلي.

[ line]

عاشراً وأخيراً:

شكر الله لكم أيها الأستاذ الأغر هذه الجولة النقدية الممتعة، وقد حملتني على ترك شغل شاغل كان بيدي، للنظر في هذه الوقفات النقدية الموفقة، فلك أجزل الشكر وأعطره.

اللهم بارك لنا في العلم، وانفعنا به يا أرحم الراحمين، وأجزل المثوبة لكل من شجع وسدد الخلل، وترفق بفهمٍ علاه الصدأ، لطول العهد، واتصال البعد بكتب أهل العلم والأدب. ومثل هذه المطارحات العلمية تجلو ذلك الصدأ. فلا عدمناكم أيها الفضلاء المتأدبون، والأساتذة الأجلاء.

[ line]

وأختم بنقل كلام المرزوقي كاملاً في شرح الأبيات:

قال المرزوقي:

وقال آخر:

إذا كان أولاد الرجال حزازةً = فأنت الحلال الحلو والبارد العذب

إذا يتضمن معنى الجزاء، ولهذا احتاج إلى الجواب فجعل بالفاء. فيقول: إذا كان الأولاد

تقطيعاً في الصدور وتحزيزاً في القلوب، لعقوقهم واستعمالهم الجفاء في موضع البر مع آبائهم، فأنت العسل مشوباً بالماء العذب. وقد وصف بعضهم كلاماً فقال: "هو السحر الحلال، والعذب الزلال". ويشير الشاعر إلى سهولة جانبه، وحسن طاعته، ودماثة خلقه. وقال الخليل: الحزازة: وجعٌ في القلب من غيظٍ أو أذًى. والحزاز أيضاً كذلك، وأنشد بيت

الشماخ:

وفي الصدر حزازٌ من اللوم حامز

لنا جانبٌ منه دميثٌ وجانبٌ= إذا رامه الأعدء ممتنع صعب

خاطب في الأول ثم عدل في الثاني إلى الإخبار، وهذا عادتهم إذا افتنوا في كلامهم، نظموا

أو نثروا، لما في التحول من سهولة تجاوب الألفاظ، وتلاؤم طرائق النظام. فيقول: لنا من هذا الولد خلق سجيح، ومذهبٌ في البر فسيح، فهو هينٌ لينٌ معنا، وللأعداء منه إذا طلبوه أو جربوه جانبٌ خشنٌ مدفعٌ، وطريق صعب متلفٌ، وخلقٌ وعرٌ شرسٌ. ولم يقل للأعداء

جانب ولكن عطف الثاني على الأول، بمعنى أن أحدهما لاجتذاب الخير، والآخر لدفاع الشر. فكأن التقدير: ولنا منه جانب معدٌ للأعداء ذلك صفته، فصار الجانبان لهم في

اللفظ، والقسمة ثابتة في المعنى. والدماثة: سهولة الخلق ولين الجانب. ويروى "ممتنعٌ

صعب"، و"متلفةٌ صعب"، والمعنى ظاهر.

وتأخذه عند المكارم هزةٌ كما اهنز تحت البارح الغصن الرطب

البارح: ريحٌ حارةٌ تجيء من قبل اليمن. فيقول: تملكه عند اكتساب المكارم أريحية يهتز

عندها اهتزاز الغصن الرطب، الذي جرى الماء فيه، إذا هبت عليه البارح. و"كما اهتز"

أراد كاهتزاز. وقوله "تحت البارح" حسنٌ جداً، لأن الريح تعلو الغصون في مرورها. وقد

نسبوا البارح إلى النجوم إذا ذكروا الأنواء. قال:

أيا بارح الجوزاء ما لك لا ترى عيالك قد أمسوا مراميل جوعا

هذا يقوله بعض المتلصصة. وعيالها: السراق، وذلك أن البارح تحمل الغبار وتدرس

الآثار، فتجسر المتلصصة على السعي، وتُمكنهم السرقة». شرح المرزوقي 1/ 271 - 273

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[15 - 04 - 2005, 10:47 م]ـ

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أيها الأديب الحبيب

ليس لي إلا أتمثل بقول ابن اللبانة:

سألت أخاه البحر عنه فقال لي ***** شقيقيَ إلا أنه الساكن العذب

لنا ديمتا ماء ومال فديمتي ****** تماسكُ أحيانا وديمته سكب

لقد أجدت وأفدت فجزاك الله خيرا وقد اعتذرت منك سابقا إذ تدخلت في التعليق على شواردكم وعذري أن غايتي أن أمزج النحو بالأدب والبلاغة فعلوم العربية لا يمكن قطع الوشائج بينها كما لا يخفى عليكم.

ـ[ابن هشام]ــــــــ[20 - 04 - 2005, 10:17 م]ـ

جمال هذه التأملات في مشاركتكم أخي الحبيب وفقكم الله، لا في أصل التأملات، وهذا المزج مهم للجميع، فلا تتوقف عند هذا وأكمل التعقيب والتصويب فنحن نسعد بك دوماً.

ـ[السوسني]ــــــــ[23 - 04 - 2005, 06:32 ص]ـ

الله الله

ما أعذب هذا الكلام وأعجبه.

ياليت المنتدى يتفتح أكثر وأكثر على مثل هذا النقد الرصين.

والله لكأنك في بستانٍ تجني منه ثمارًا يانعةً.

لقد كنت أقرأ مشاركاتكم، وأتمنى في نفسي أن لا تنقضي هذه اللطائف البارعة من ذلك النقد الجميلة.

وفق الله كل من شارك في هذا النقد.

ـ[حذيفة]ــــــــ[24 - 04 - 2005, 08:54 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،

إكتشفت هذا الموقع الرائع منذ فترة، و نقلت الخطو بين رياضه مستمتعا بما يكتبه رواده فوجدت خيرا، جزى الله القائمين عليه ورواده عن أروع لغة خيرا و غفر لهم إنه غفور رحيم.

ثم قرأت هذه التأملات الجميلة فرأيت أدبا جما و أرواحا طيبة، فبارك الله فيكم على هذا التواضع و الدماثة و الطيب!

و شاء الله عز و جل أن أتصفح البارحة كتاب: إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم لإمام اللغة و الأدب ابن خالويه، فوجدته يذكر بيتين من الشعر ترددا في هذا الشريط، و لم يعزهما لأحد، فأردت أن أشارك بهما معكم، قال: قال الشاعر:

إذا كان أولاد الرجال حزازة = فأنت الحلال الحلو و البارد العذب

و تأخذه عند المكارم هزة = كما اهتز تحت البارح الفنن الرطب

ذكرها في إعراب سورة الشمس.

بارك الله فيكم مرة أخرى، و في انتظار مزيد من تأملاتكم العذبة!

و السلام عليكم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير