ليس للمجاملة حرف بيننا .. فاللذين عبروا من هنا .. وأثنوا .. ونال التحليل رضاهم .. وقفز بذائقتهم الأدبيّة لا ينتظرون شيئا .. إني أشعر بهم .. فحين نقول:جزاك الله خيرا ولله درك .. و أبدعت يا أستاذنا.فنحن لا نجامل إن لم نقصّر .. في الحقيقة نال أدبكم إعجابي ولفت أدبيّتي بقوة منذ أن كنتُ هنا في بدايتي .. وأدركتُ أنّ وراء هذا الحديث جلالة قدر .. قبل أن يطلب الفصيح من أعضائه .. إضافة المؤهل العلمي أو الدرجة .. فحين عدتُ وكان مرفقا بجانب تعريف ابن هشام (دكتور) أدركتُ أنني على صواب ..
و فقكم الله وأعانكم على حمل أمانة العلم ..
تحيّة،،،
ـ[المستبدة]ــــــــ[22 - 12 - 2008, 06:48 م]ـ
:) البيت السادس:
يقول ابن هشام:
((والشاهد عندي في هذه القطعة البديعة هو البيت الثاني، وهو قول محارب بن دثار:
يا لَهْفَ نفسيْ، ولهفَ الواجدينَ مَعيْ
على النُّجُومِ التي تَغتالُها الحُفَرُ
أولاً: الشاعر القائل هو محارب بن دثار الذهلي السدوسي الشيباني، من الطبقة الثالثة من التابعين من أهل الكوفة، كان قاضياً شاعراً، من أقواله: لما أكرهت على القضاء بكيت وبكى عيالي، فلما عزلت عن القضاء بكيتُ وبكى عيالي.
وقد رأيتُ ياقوت الحموي ينسب البيتين الأولين للفرزدق، حيث قال: (وحدث أبو بكر بن عياش قال: الفرزدق بالكوفة ينعي عمر بن عبد العزيز، - رضي الله عنه -، فقال: .. ) ثم أورد البيتين. ونفسي تميل لنسبتها لمحارب لعدم وجودها في ديوان الفرزدق، واختلاف أسلوبها عن أسلوب الفرزدق والله أعلم.
ثانياً: هل سمعتم شاعراً سبقه إلى هذا المعنى، وهو اغتيال الحفر والقبور للنجوم؟
أنا كتبتُ هذا بعد قراءتي للأبيات مباشرة، ولم أرجع إلى كثير من الأبيات التي تناولت هذا الموضوع، وهو تشبيه الميت بالنجم، وكيف غار في القبر. وقد سمعتُ من الشعراء مَن شبَّه الميتَ بالجبل العظيم، وبالنجم الذي غار في القبر، وسمعتُ مَنْ تَعجَّبَ كيف اتسع القبرُ على ضيقه للميت على جلالته وفضله وجوده.
لكن لم أقرأ لمن فَطِنَ للمعنى الذي ذكره مُحاربُ بن دثار، وهو اتهام القبور باغتيال النجوم! ياله من معنى مطربٍ لشاعر قاضٍ.
ومن تلك الأبيات التي أتذكرها الآن قول المتنبي وإن كان متأخراً عن محارب بسنين يرثي أحدهم:
ما كُنتُ أَحسَبُ قَبلَ دَفنِكَ في الثَرىأَنَّ الكَواكِبَ في التُرابِ تَغورُ
والبيت بديعٌ، والقصيدة التي منها البيت من روائع مراثي المتنبي، لكن معنى مُحارب بن دثار عندي أكثر تَميزاً وإبداعاً.
ثالثاً: أن الشاعر ليس الوحيد الذي يشعر بهذا الشعور في فقد الخليفة عمر بن عبدالعزيز، ولكن معه نفر كثير يَجِدُ مِن أَلَمِ فَقدِ الخليفة الصالح ما يَجدهُ، (ولهف الواجدين معي).
رابعاً:تأملوا تسميته للقبور بالحفر، وكأني بالشاعر يرمي من وراء تسميته للقبور بالحفر التهوين من شأنها وأنها رغم ذلك استطاعت احتواء هذه النجوم. ثم تأملوا وصفه لدفن الميت في القبر بالاغتيال، فكأن هذه القبور قد اغتالت هؤلاء الموتى، والاغتيال له معاني.
خامساً: من يقرأ في دواوين الشعراء يجد المديح غالباً عليها، وفي غالبه مديح مبالغ فيه في حق من لا يستحق، ولكن في هذه المرثية التي قالها محارب رحمه الله في حق الخليفة عمر بن عبدالعزيز تجد الصدق في كل عبارة منها، وأنها قيلت فيمن يستحقها تماماً رضي الله عنه وغفر له، وجمعنا به في جنات النعيم، فهو والله ما علمنا من الخلفاء الكبار الذين خلفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته بالخير والعدل من أمثال أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وقد أجاد محارب عندما أشار إلى قبر قدوات عمر بن عبدالعزيز الذين سار على هديهم وهم الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر بقوله:
ثلاثةٌ ما رأَتْ عَينٌ لهم شَبهاًيَضمُّ أَعْظُمَهُمْ في المسجدِ المَدَرُ
المصدر الذي نقلتُ منه الأبيات: ذيل الأمالي والنوادر لأبي علي القالي ص 1))
وتقول المستبدّة:
أولا: لأول مرة أسمع بشاعر البيت السادس،وما هذا والله إلا لتقصيرٍ مني،_وهذا غير محمودٍ في طالب علم _لكنني قلت ما قلت ليس جهرا بسوء أحمله .. لكن لأشكر ابن هشام على هذه الشوارد التي توقع في النفوس تقديرا وتعلقا بذكر بعض الشعراء هنا،لجميل أبيات أنشدوا.
يقول ابن هشام:
¥