تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذا ليس صحيحا ولكنها حلقه من حلقات الاستضعاف التي نعيشها امام قوى متماسكة ودقيقة، اذا نظرت للواقع الامريكي من الداخل تجد ان هناك احتجاجاً على هذه العولمة فهم مثلا يحاربون متجرا ضخما يجري انشاؤه في كل الولايات اسمه وورلد مارت لانه سيقضي على المحال الصغيرة ويمكن ان تجد اصداء هذا الاحتجاج الامريكي على هذه العولمة وهي الحداثة الطاغية والاستهلاك المجاني، تجده مستوعب في الموسيقى الشعبية حيث تجدها واضحة في الاغاني حتى ثقافيا كنا خاضعين للعولمة الشكسبيرية وكذلك موجات الابداع المتتالية، لذا يجب تحرير انفسنا ومواردنا من الاستضعاف وتصفية الاستعمار بداخلنا.


وفي "دومة ود حامد" تتراءى الدومة في الحلم كمنقذ حين يحيق البلاء ويزداد الكرب ويبدو اللاخلاص:

فهذا رجل يقص على جاره أنه رأى نفسه في أرض رملية واسعة، رملها أبيض كلجين الفضة، مشى فيها فكانت رجلاه تغوصان فيقتلعهما بصعوبة. ومشى حتى لحقه الظمأ وبلغ منه الجوع، والرمل لا ينتهي عند حد. ثم صعد تلا، فلما بلغ قمته رأى غابة كثة من الدوم في وسطها دومة طويلة. وانحدر الرجل من التل وبعدها وجد كأن الأرض تطوى له، فما هي إلا خطوة حتى وجد نفسه تحت دومة ود حامد. ووجد إناء فيه لبن رغوته معقودة عليه كأنه حلب لساعته. فشرب منه حتى ارتوى ولم ينقص منه شيء، فيقول له جاره: أبشر بالفرج بعد الشدة.

وهذه امرأة تحكي لصاحبتها: كأنني في مركب سائر في مضيق في البحر وكنت أرى نفسي على قمة موجة هوجاء تحملني حتى أكاد أمس السحاب، ثم تهوي بي في قاع سحيق مظلم، فخفت وأخذت أصرخ وكأن صوتي قد انحبس في حلقي. وفجأة وجدت مجرى الماء يتسع قليلا. ونظرت فإذاعلى الشاطئين شجرأسود خال من الورق، له شوك ذو روس كأنها رءوس الصقور. ورأيت الشاطئين ينسدان علي، وهذا الشجر كأنه يمشي نحوي، فتملكني الذعر، وصحت بأعلى صوتي: ياود حامد. ونظرت فإذا رجل صبوح الوجه له لحية بيضاء غزيرة قدغطت صدره. رداؤه أبيض ناصع، وفي يده مسبحة من الكهرمان. فوضع يده على جبهتي وقال: لا تخافي. فهدأ روعي ونظرت فإذا الشافى يتسع، والماء يسيل هادئا ونظرت إلى يميني فإذا حقول قمح ناضجة وسواق دائرة وبقر يرعى. ورأيت على الشاطى دومة ود حامد. وتقول لها صاحبتها: هذا ود حامد. تمرضين مرضا تشرفين منه على الموت لكنك تشفين منه. تلزمك الكرامة لود حامد تحت الدومة.

والحلم الثالث يتعلق بامرأة مريضة تورم حلقها فأقعدها طريحة الفراش شهرين. وذات ليلة تكاثرت عليها الحمى، فنهضت من فراشها سحرا، وتحاملت على نفسها حتى أتت دومة ود حامد. وتروي المرأة ما حدث فتقول: وقفت تحت الدومة وأنا لا أكاد أقوى على الوقوف. وناديت بأعلى صوتي: .. ياود حامد، جئتك مستجيرة وبك لائذة. سأرقد هنا عند ضريحك وتحت دومتك، فإما أمتني وإما أحييتني. ولن أبرح مكاني هذا إلا على إحدى الحالتين. وتستمر المرأة في قصتها فتقول: وتقلصت على نفسي وأنا أستشعر الخوف، وسرعان ما أخذتني نومة. وبينما أنا بين النائمة واليقظة، إذا أصوات ترتل القرآن، وإذا نور حاد كأنه شفرة السكين قد سطع حتى عقد بين الشاطئين، فرأيت الدومة وقد خرت ساجدة. وهلع قلبي ووجب وجيبا حتى ظننته سيخرج من فمي، ورأيت شيخا مهيبا أبيض اللحية ناصع الرداء يتقدم نحوي وعلى وجهه ابتسامة. وضربني بمسبحته على رأسي وانتهرني قائلا: قومي. وقسما أنني قمت وما أدري أنني قمت، وجئت إلى بيتي ولا أعلم كيف جئت. ووصلت عند الفجر فأيقظت زوجي وولدي وبناتي وقلت لبناتي: زغردن. فانكبت علينا البلد. وقسما ما خفت بعدها ولا مرضت بعدها. وهكذا ما من رجل أو امرأة أو طفل أو شيخ يحلم في ليلة إلا ويرى دومة ود حامد في موضع ما من حلمه. بل لا يقتصر الأمر على قرية ود حامد ففي كل بلد- كما يقول المؤلف- علم كدومة ود حامد يراه الناس في أحلامهم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير