تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الاسلام في اقامة مجتمعات نظيفة وجديرة بالحياة والثناء.

ولذلك نقول انه كلما انفتح النقد الإسلامي بصورة علمية عادلة واخلاقية ومتسامحة على الجهل والأفكار الخرافية والدينية المغيبة للوعي الانساني كما حدث أيام الأندلس، كلما التفت له الشباب الحائر الباحث عن الحق في انسانية لاالتواء فيها ولا استغلال، ولذلك يحاول ذلك الشباب تقديم نموذج مغاير للنموذج النمطي والسائد ... ذلك ان النقد العلمي العادل المعروض بثقة مع تقديم المثال والنموذج للأخلاق الاسلامية سيؤدي بلا شك الى ازاحة غشاوة الجهل عن كثير من أخيار النصارى وفضلاؤهم، ومن يتحلى منهم بإرادة صلبة وشعور فائض بالحب والتحدي، والمجازفة الإيجابية في بحر متلاطم من امواج المجتمع الديني السابق، الذي تهيجه قوى علمانية ورأسمالية داخلية - مع ان الرأسمالية عادة تبحث عن هدوء داخلي! - وقوي خارجية، زائد الإشاعات المصطنعة والافتراءات المخترعة التي تروجها صحف الاثارة الرخيصة.

ان لنا في نموذج وفاء قسطنطين وكاميليا شحاته دليل على قوة الإرادة وكمال الشخصية وصلابة الموقف الذي بُني على اختيار شخصي قائم على فعل العقل الشريف واشتغال الروح الوثابة وفاعلية الارادة الواثقة، وارادة الله من دون الناس والانتفاضة الصريحة على الخرافة والضلال المبين. وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم فان الامر هو " خياركم في الجاهلية خياركم في الاسلام اذا فقهوا"

انك لتستطيع ان تتعرف على ذكاء هؤلاء مما فعلته كاميليا شحاته فقد ردت المال-الذي وضعه زوجها في البنك بإسمها- ردته الى زوجها وهي تعلم انه قام بسرقتها من الكنيسة كما قالت لشهود واقعة اسلامها، كما انها كانت تقاوم طبيعتها كأم حتى تستطيع الخروج من بيت زوجها بدون ان يؤثر عليها مؤثر قد تستخدمه الكنيسة كوسيلة عاطفية من وسائل التأثير عليها، فكانت طول فترة اسلامها قبل خروجها من بيت زوجها تبتعد رويدا رويدا عن طفلها حتى لاتسبب لها العاطفة المفعمة بالحب تجاه طفلها، عائقا على اختيارها الصلب مع وضع ثقتها في الله برجوع ابنها اليها والدليل انها لما علمت ان لها الحق في الاحتفاظ بإبنها ارتجف فؤادها واشتعل حبها لطفلها لانها لاتريد فراقه ابدا ولولا انها تعلم ان وسائل التعذيب المعنوي الذي تقوم به الكنيسة ضد المسلمات الجدد تستخدم وسائل غير انسانية للتأثير على قرار واختيار مصيري لما تركت ابنها طرفة عين، فهذا يدل على مدى حبها لابنها وفي نفس الوقت على بعد خطتها –وصلابة ارادتها- في مقاومة مؤثرات الكنيسة غير العقلية فهي تعلم ان الكنيسة فقدت براهينها ولم يتبق امامها الا وسائل التعذيب النفسي وربما الجسدي ولذلك قالت اذا لم أرجع صلوا علي صلاة الغائب وهذا ايضا يدل على معرفتها بالاسلام بنفس الدرجة التي تعرف بها المسيحية والكنيسة.

وهذا الذي حدث مع وفاء وكاميليا وغيرهما من شباب وشابات هو ماحدث بالضبط مع كثير من المسيحيين الأطهار الأقوياء الارادة والشخصية في الاندلس وبلاد اوروبا والشرق العربي والاسلامي. وقد خلق هذا كله اوضاعا جديدة وشكل جغرافية جديدة وتغيرت خريطة العالم، كل ذلك بتقديم النموذج الاسلامي في العلم والعمل معا. وقد اعترف كثير من علماء الغرب في التاريخ ان الفتح الاسلامي قدم نماذج باهرة من التسامح لكنهم وان اندهشوا من سرعة هذا الفتح الممتد في الارض كلها، اندهشوا بصورة اعظم من اسلام الشعوب المسيحية بصورة لم تُسبق في التاريخ البشري كله. بل رأت أوروبا على ابوابها وشواطئها بل داخلها ايضا،انها محاصرة بنظام اسلامي عنده النظافة والشوارع المضاءة والرحمة والعلم والعقل والتسامح والجمال في البناء والشخصية والأمانة والرحمة بالخصم والفروسية الراقية حتى في الحرب كما ذكرت زيغريد هونكه في أكثر من كتاب لها وذكر ذلك ايضا غيرها من المؤرخين الأوروبيين. تذكر المستشرقة الألمانية زيغريد هونكه أن:" أتباع الملل الأخرى –وبطبيعة الحال من النصارى واليهود –هم الذين سعوا سعيا لاعتناق الإسلام والأخذ بحضارة الفاتحين، ولقد ألحوا في ذلك شغفا وافتتانا، أكثر مما يحب العرب أنفسهم ... لقد كانت الروعة الكامنة في أسلوب الحياة العربية، والتمدن العربي، والسمو والمروءة والجمال، وباحتصار: السحر الأصيل الذي تتميز به الحضارة العربية، بغض النظر

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير