تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فمن أجل هذه الحياة الحقيقية الأبدية يجب العمل، ويجب الاستعداد، لأن مطمح الخلود هو مطمح فطري في البشرية، كما تقرر ذلك في كتاب الله، حيث قال تعالى مبينا سبب هبوط آدم من الجنة رغم ما منح في الجنة من عطاء: " فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى، إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى، وإنك لا تظمأ فيها ولا تضحى، فوسوس إليه الشيطان، قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى .. ". (طه/114 - 118). وفي آية أخرى قال تعالى: " فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين ". الأعراف/20.

هكذا غرر بأبينا، وهكذا يقع المسلم في الاغترار بالدنيا وما فيها، لما جبلت عليه النفس من حب الخلود والبقاء، ولكن الحقيقة الأزلية هي أنه لا بقاء إلا في الدار الآخرة، فعليها المعول، ومن أجلها يجب العمل.

3 - الشباب بدل الهرم:

الكل يعشق سن الشباب، ويحب أن يبقى شابا ويعيش حياة الشباب وبقوة الشباب، وهذا لن يكون إلا هناك في الدار الآخرة أيضا، فمن كان يريد أن يبقى شابا ويحيى حياة الشباب لا تزول عنه ولا تنفك أبدا فعليه بالعمل للدار الآخرة. فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رض1 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صل1: " إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّىٍّ فِى السَّمَاءِ إِضَاءَةً، لاَ يَبُولُونَ وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ وَلاَ يَتْفِلُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ، أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ الأَنْجُوجُ عُودُ الطِّيبِ، وَأَزْوَاجُهُمُ الْحُور الْعِينُ، عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِد عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ، سِتُّونَ ذِرَاعاً فِى السَّمَاءِ ". [14] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn14)

أما واقع دار البلاء والاختبار، فإن ثنائية الشباب والشيب، تقتضي أن يصل الانسان بعد عمر محدود الى مرحلة الضعف والهرم كما قال تعالى:" الله الذي خلقكم من ضعف، ثم جعل من بعد ضعف قوة، ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة ". الروم/53.

وهو أمر لا مفر منه ولا دواء له، لقوله صل1: " تداووا عباد الله فإن الله سبحانه لم يضع داء إلا وضع معه شفاء إلا الهرم .. ". [15] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn15)

كما جعله النبي صل1 مما يستعاذ منه حيث كان يقول: " اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم .. ". [16] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn16)

والمؤمن مطالب بأن يحتاط لشبابه، ويعرف كيف يستغل هذه المرحلة المهمة في حياته، وخصوصا وأن الفضل الذي يعطيه الشارع للمتعبد الشاب لا حد له ولا حصر، وفي ذلك يقول صل1: " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ( ...... ومنهم .. ) شاب نشأ في عبادة الله …". [17] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn17)

كما أن الانسان أول ما يسأل عنه بعد موته، هذه المرحلة الهامة في حياته، حيث قال صل1: " لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع، عن شبابه فيما أبلاه، وعن عمره فيما أفناه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به". [18] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn18)

4- النعيم بدل اليأس:

وهذا مما يتمناه الانسان ويسعى لتحصيله؛ دوام نعم الله عليه، وعدم زوالها، وهذا ما لا يستطيع تحقيقه أحد.

نعم، إن دوام النعم هو مطمح البشرية، وعليه يقع التنازع والخصام، فكثيرا ما يدعو الناس بدعاء جميل يقولون فيه: " اللهم إنا نعوذ بك من السلب بعد العطاء ". ولكن نعيما واحدا هو الذي لا يسلب وهو الدائم، إنه نعيم الدار الأخرى، لقوله صل1: " مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَنْعَمُ لاَ يَبْأَسُ لاَ تَبْلَى ثِيَابُهُ وَلاَ يَفْنَى". [19] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn19)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير