تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وحمد الله أنه لم يزل فراسته فيه-أي لم يخيب فراسته في حسن اختياره لهذا الرجل-ثم قام من مجلسه وأرسل إلى سعيد بألف دينار-والدينار ما كان من ذهب_ وقال رسول عمر إلى سعد: إن عمر قد ارسل إليك بهذا المال لتستعين به على أمرك , فأرسل سعيد إلى عماله من كانوا تحت إمارته وقد وضع الألف دينار بين يديه ليقول لهم خذوا هذه-وأخذ بعضها- فاذهبوا بها إلى أرملة آل فلان , وخذوا هذه واذهبوا بها إلى مسكين آل فلان , وهكذا حتى أنفدها جميعا , قالت له امرأته يا سعيد أما أبقيت منها شيئا نستعين به؟ قال لها: والله قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لو أن امرأة من الحور العين اطلعت إلى أهل الأرض فنظرت إليهم لملأت الأرض بريح المسك , فوالله لا أوثرك عليهن , وسوف تأتيك أحوج ما تكونين إليها.

وانظر يا رعاك الله إلى تفاصيل هذه الواقعة في كتب التاريخ , كتاريخ دمشق لابن عساكر , والبداية والنهاية , وصفة الصفوة , والإصابة وغيرها.

انظر هو يريد أن يشتري الآخرة ويؤثر الحور العين على امرأته , ويبين لها أن المال سوف يأتيها وقت ما تشتد الحاجة إليه , وهو يعني بذلك في الآخرة , فالإنسان تشتد به الحاجة إلى درهم قد تصدق به ليرفعه الله به يوم القيامة , ويدخله به الجنة.

فسعيد هذا عندما أراد عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ان يوليه على حمص واختاره لذلك وأرسل إليه وقال قد وليناك حمص-ما أقام الأفراح وذبح الولائم , فقد أصبح أميرا محافظا أو وزيرا- لا وإنما أرسل رده إلى عمر قائلا يا عمر لا تفتني-فهو يدرك يقينا أن الإمارة والحكم فتنة , وقد صدق , فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن هذه الأمة ستضيع يوم أن يحرص آحاد هذه الأمة على الإمارة , ولذلك قالها في الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه " إنكم ستحرصون على الإمارة , وستكون حسرة وندامة يوم القيامة , فهي نعم المرضعة , وهي بئس الفاطمة " فانظر إلى السين في "ستحرصون" التي تفيد الإستقبال , ومعنى نعم المرضعة أي كالمرضعة التي تلقم ثديها لطفلها ليشرب ويرتوي , ولكنها بئس الفاطمة أي تضع في حلقه علقما حتى تفطمه عن ثديها , وهكذا الإمارة تعطي أصحابها الزهو والكبر والملك والمال , ولكنها بئس الفاطمة فتكون يوم القيامة حسرة وندامة , ولذلك يقول عوف ابن مالك رضي الله عنه في الحديث الصحيح الذي أخرجه الطبراني والبزار إن النبي صلى الله عليه وسلم جلس يوما فقال ألا أنبؤكم عن الإمارة , يقول عوف: فناديت وقلت أنبئنا يا رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم " أولها ملامة وثانيها ندامة وثالثها عذاب يوم القيامة-

هذه هي الإمارة التي يحرص عليها الناس- يقول النبي صلى الله عليه وسلم: إلا من عدل وكيف يعدل مع قريبه "

فسعيد هذا لما ولاه عمر ما كان يلهث ليحصل على الإمارة وما أنفق في سبيل ذلك كل غال ونفيس , وذلك أنه لا تعطى الإمارة لمن طلبها , هكذا ورد الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري في صحيحه , يقول أبو موسى الأشعري رضي الله عنه دخلت أنا واثنان من أبناء عمومتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا أي الرجلان: يا رسول الله وَلِّنَا بعض ما ولاَّك الله عليه , قال النبي صلى الله عليه وسلم إنا لا نولي من أمرنا هذا شيئا أحدا قد طلبه "

ونرجع إلى عمر وسعيد رضي الله عنهما , رد عمر على سعيد بقوله: والله لا أدعك , قد وليتموني ثم تريدون أن تتركوني , والله لا أتركك.

لِلَّهِ دَرُّكَ يَا عُمَر

نعم بمن يستعين إلا بأهل الخير والإخلاص والتقى , هذا الذي دُفِعَ إلى الإمارة دفعا وهو لا يطلبها , لم تفتنه لا بمال ولا بكبر ولا بكرسي , لذلك جاءه المال فقدمه للناس , وأما ليله فلله , ونهاره فلخلق الله.

ولا نملك في النهاية إلا أن نقول

لِلَّهِ دَرُّكَ يَا عُمَر

في الختام أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخوكم

ـ[تيسير الغول]ــــــــ[03 Sep 2010, 02:06 م]ـ

الحمد لله أحمده حمدا يليق بذاته , وأصلي وأسلم على سيدنا رسول الله صلاة وسلاما تليقان بذاته الكريمة , أرحب بكم إخواني الأعزاء , وأدعو الله العلي القدير أن يفقهنا في ديننا , وأن يعلمنا ما ينفعنا , وأن ينفعنا بما علمنا , ... آمين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير