تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الله عليه وسلم يقول: لو أن امرأة من الحور العين اطلعت إلى أهل الأرض فنظرت إليهم لملأت الأرض بريح المسك , فوالله لا أوثرك عليهن , وسوف تأتيك أحوج ما تكونين إليها.

وانظر يا رعاك الله إلى تفاصيل هذه الواقعة في كتب التاريخ , كتاريخ دمشق لابن عساكر , والبداية والنهاية , وصفة الصفوة , والإصابة وغيرها.

انظر هو يريد أن يشتري الآخرة ويؤثر الحور العين على امرأته , ويبين لها أن المال سوف يأتيها وقت ما تشتد الحاجة إليه , وهو يعني بذلك في الآخرة , فالإنسان تشتد به الحاجة إلى درهم قد تصدق به ليرفعه الله به يوم القيامة , ويدخله به الجنة.

فسعيد هذا عندما أراد عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ان يوليه على حمص واختاره لذلك وأرسل إليه وقال قد وليناك حمص-ما أقام الأفراح وذبح الولائم , فقد أصبح أميرا محافظا أو وزيرا- لا وإنما أرسل رده إلى عمر قائلا يا عمر لا تفتني-فهو يدرك يقينا أن الإمارة والحكم فتنة , وقد صدق , فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن هذه الأمة ستضيع يوم أن يحرص آحاد هذه الأمة على الإمارة , ولذلك قالها في الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه " إنكم ستحرصون على الإمارة , وستكون حسرة وندامة يوم القيامة , فهي نعم المرضعة , وهي بئس الفاطمة " فانظر إلى السين في "ستحرصون" التي تفيد الإستقبال , ومعنى نعم المرضعة أي كالمرضعة التي تلقم ثديها لطفلها ليشرب ويرتوي , ولكنها بئس الفاطمة أي تضع في حلقه علقما حتى تفطمه عن ثديها , وهكذا الإمارة تعطي أصحابها الزهو والكبر والملك والمال , ولكنها بئس الفاطمة فتكون يوم القيامة حسرة وندامة , ولذلك يقول عوف ابن مالك رضي الله عنه في الحديث الصحيح الذي أخرجه الطبراني والبزار إن النبي صلى الله عليه وسلم جلس يوما فقال ألا أنبؤكم عن الإمارة , يقول عوف: فناديت وقلت أنبئنا يا رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم " أولها ملامة وثانيها ندامة وثالثها عذاب يوم القيامة-

هذه هي الإمارة التي يحرص عليها الناس- يقول النبي صلى الله عليه وسلم: إلا من عدل وكيف يعدل مع قريبه "

فسعيد هذا لما ولاه عمر ما كان يلهث ليحصل على الإمارة وما أنفق في سبيل ذلك كل غال ونفيس , وذلك أنه لا تعطى الإمارة لمن طلبها , هكذا ورد الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري في صحيحه , يقول أبو موسى الأشعري رضي الله عنه دخلت أنا واثنان من أبناء عمومتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا أي الرجلان: يا رسول الله وَلِّنَا بعض ما ولاَّك الله عليه , قال النبي صلى الله عليه وسلم إنا لا نولي من أمرنا هذا شيئا أحدا قد طلبه "

ونرجع إلى عمر وسعيد رضي الله عنهما , رد عمر على سعيد بقوله: والله لا أدعك , قد وليتموني ثم تريدون أن تتركوني , والله لا أتركك.

لِلَّهِ دَرُّكَ يَا عُمَر

نعم بمن يستعين إلا بأهل الخير والإخلاص والتقى , هذا الذي دُفِعَ إلى الإمارة دفعا وهو لا يطلبها , لم تفتنه لا بمال ولا بكبر ولا بكرسي , لذلك جاءه المال فقدمه للناس , وأما ليله فلله , ونهاره فلخلق الله.

ولا نملك في النهاية إلا أن نقول

لِلَّهِ دَرُّكَ يَا عُمَر

في الختام أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخوكم

بارك الله بك على هذه القصة المؤثرة وجعلها في ميزان عملك

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير