تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

((وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: أَكْثَرُ مَا يُفْسِدُ الدُّنْيَا: نِصْفٌ مُتَكَلِّمٌ وَنِصْفٌ مُتَفَقِّهٌ وَنِصْفٌ مُتَطَبِّبٌ وَنِصْفٌ نَحْوِيٌّ هَذَا يُفْسِدُ الْأَدْيَانَ وَهَذَا يُفْسِدُ الْبُلْدَانَ وَهَذَا يُفْسِدُ الْأَبْدَانَ وَهَذَا يُفْسِدُ اللِّسَانَ)).

فهذا إفساد صاحب النصف فما بالنا بمن كان غراً ساذجاً لم يُعرف بعلم أصلاً؟!!

قال النووي:

((إِنَّمَا يَأْمُر وَيَنْهَى مَنْ كَانَ عَالِمًا بِمَا يَأْمُر بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ؛ وَذَلِكَ يَخْتَلِف بِاخْتِلَافِ الشَّيْء؛ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْوَاجِبَات الظَّاهِرَة، وَالْمُحَرَّمَات الْمَشْهُورَة كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَام وَالزِّنَا وَالْخَمْر وَنَحْوهَا، فَكُلّ الْمُسْلِمِينَ عُلَمَاء بِهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ دَقَائِق الْأَفْعَال وَالْأَقْوَال وَمِمَّا يَتَعَلَّق بِالِاجْتِهَادِ لَمْ يَكُنْ لِلْعَوَامِّ مَدْخَل فِيهِ، وَلَا لَهُمْ إِنْكَاره، بَلْ ذَلِكَ لِلْعُلَمَاءِ)).

ويقول المرداوي:

وأمرك بالمعروف والنهي يا فتى ... عن المنكر اجعل فرض عين تسدد

على عالم بالحظر والفعل لم يقم ... سواه مع أمن عدوان معتد

وبالعلما يختص ما اختص علمه ... بهم وبمن يستنصرون به قد

ويقول البيضاوي:

((الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض الكفاية ولأنه لا يصلح له كل أحد إذ للمتصدي له شروط لا يشترك فيها جميع الأمة كالعلم بالأحكام ومراتب الاحتساب وكيفية إقامتها)).

قال ابن عطية:

((وأمر الله الأمة بأن يكون منها علماء يفعلون هذه الأفاعيل على وجوهها ويحفظون قوانينها على الكمال، ويكون سائر الأمة متبعين لأولئك، إذ هذه الأفعال لا تكون إلا بعلم واسع، وقد علم تعالى أن الكل لا يكون عالماً)).

بل العامي إذا دخل في الرد على المخالف أضر بنفسه ولم ينفع ولم ينتفع ..

قال السجزي:

((وأما العامي والمبتدي فسبيلهما أن لا يصغيا إلى المخالف ولا يحتجا عليه فإنهما إن أصغيا إليه أو حاجاه خيف عليهما الزلل عاجلا والانفتال آجلاً)).

قال ابن القيم:

((فأمر سبحانه بالقيام بالقسط وهو العدل في هذه الآية وهذا أمر بالقيام به في حق كل احد عدواً كان أو ولياً.

وأحق ما قام له العبد بقصد الأقوال والآراء والمذاهب؛إذ هي متعلقة بأمر الله وخبره.

فالقيام فيها بالهوى والمعصية مضاد لأمر الله مناف لما بعث به رسوله

والقيام فيها بالقسط وظيفة خلفاء الرسول في أمته وأمنائه بين أتباعه ولا يستحق اسم الأمانة إلا من قام فيها بالعدل المحض نصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولعباده)).

وقال شيخ الإسلام:

((فإذا كان من يقضي بين الناس في الأموال والدماء والأعراض إذا لم يكن عالماً عادلاً= كان في النار فكيف بمن يحكم في الملل والأديان وأصول الإيمان والمعارف الإلهية والمعالم الكلية بلا علم ولا عدل)).

ودخول من ليس معروفاً بالعلم في هذه الأبواب شر عظيم.

يقول السخاوي:

((ومتى لم يكن ورعاً، مع كونه معروفاً بالعلم = اشتد البلاء به)).

مغالطة

يغالط كثير من المتهوكين في هذا الباب مغالطة عظمى، حين يرموننا بالتعصب للرجال أو أنا لا نرى لهم خطأ، وهذا منكر من القول وزور، بل نحن نبصرهم ونبصر أخطاءهم ولكن كلامنا في التالي:

1 - هؤلاء العلماء والدعاة المتكلم فيهم ليسوا معصومين باتفاق.

2 - نقر معكم بوقوع أخطاء منهم وأن منها السائغ ومنها ما لا يسوغ.

3 - نقر بوجوب كشف هذه الأخطاء وتبيينها وإنكار المنكر ولا نشترط السر لهذا بل يجوز علانية إذ كانت الأخطاء علانية ومن رأى السر = فله وجه.

4 - لا نوجب اللين بل بعض هذه الأخطاء يستوجب الشدة في النقد.

كل ما تقدم لا أنازع أنا فيه،لكن النزاع في:

1 - احتياج الكلام في أبواب النقد والإنكار خاصة لأخطاء المجتهدين التي ليست كلها ضرورية قطعيةالظهور، بل أتاها أصحابها يظنون الوحي دل عليها وهي تدور بين الخلاف السائغ وغير السائغ = لمن هو من جنس العلماء والمجتهدين وطلبة العلم المشهود لهم من أهل العلم بأهلية الدخول في هذه الأبواب فلا يتجرأ عليها العامة وصغار الطلبة، بل موقف العامة وصغار الطلبة هو موقف المستفتي يطلب فتوى العلماء في هذا لنجاة نفسه من الاغترار بالخطأ لا لينتصب في نشرها أو أن ينتصب في مقامات المجتهدين، بل دخول العامة وصغار الطلبة في نقد أخطاء أهل العلم سنة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير