تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ونفذوا بحزمٍ خطة تكثير عددهم فى الوقت الذى تنفذ فيه بقوة وحماسة سياسة تقليل المسلمين. ثم إن الأديرة تحولت إلى مراكز تخطيط وتدريب، خصوصا أديرة وادى النطرون، التى يذهب إليها بابا الأقباط ولفيف من أعوانه المقربين، والتى يستقدم إليها الشباب القبطى من أقاصى البلاد لقضاء فترات معينة وتلقى توجيهات مريبة. وفى سبيل إضفاء الطابع النصرانى على التراب المصرى استغل الأخ العزيز شنودة ورطة البلاد فى نزاعها مع اليهود والاستعمار العالمى لبناء كنائس كثيرة لا يحتاج العابدون إليها لوجود ما يغنى عنها. فماذا حدث؟ لقد صدر خلال أغسطس وسبتمبر وأكتوبر سنة 1973 خمسون مرسوما جمهوريا بإنشاء 50 كنيسة يعلم الله أن أغلبها بُنِىَ للمباهاة وإظهار السطوة وإثبات الهيمنة فى مصر. وقد تكون الدولة محرجة عندما أذنت بهذا العدد الذى لم يسبق له مثيل فى تاريخ مصر. لكننا نعرف المسئولين أن الأخ العزيز شنودة لن يرضى لأنه فى خطابه كشف عن نيته، وهى نية تسىء إلى الأقباط والمسلمين جميعا. ومبلغ علمى أن الخطاب مسجل بصوت البابا نفسه ومحفوظ، ويوجد الآن من يحاول تنفيذه كله".

فكيف نتجاهل مثل تلك القضايا الواضحة ونذهب فنتناول واقعة تحيط بها الشكوك والشبهات من كل جانب أو على الأقل: لا تتضح أبعادها للرائى، ومن شأنها أن تعقّد الأمر تعقيدا لا يُرْجَى له حل وأن تمدّ المتربصين بالوطن بما يملى لهم فى غَيّهم ويساعدهم على ارتكاب المزيد من التهور والشغب؟

على أن هناك اعتبارا آخر يتصل بالطريقة التى تم بها سرد أحداث الرواية، ألا وهو أن الراوى يسوق لنا تفصيلات كثيرة بعد وقوعها بسنين طويلة، وهو ما لا يقتنع العقل معه بأن أحداث الرواية كانت لا تزال محفوظة فى ذاكرته كما وقعت بكل تفصيلاتها وألفاظها وأشخاصها وأماكنها لا تخرم منها شيئا. فعلى سبيل المثال نرى الراوى حريصا على ذكر تاريخ كل حجر أو سُلَّمة فى الكنيسة التى كان يشتغل قيما بها فى أول الرواية، متذكرا اسم كل شخص أهداها لها والظروف التى تم الإهداء فيها، بالإضافة إلى كل إناء من الأوانى الكنسية وكل ملبس من ملابس الكهنة مع ذكر وظيفته ودلالته (ص10 - 14 مثلا). واضح أن المؤلفة هى التى تتكلم هنا، وكأنها تقول لنا: أنا أعرف موضوعى جيدا، وقرأت عنه قراءة مفصلة مستوعبة لم تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصتها وأَوْرَدَتْها. ودليلا على ذلك نرى الراوى يشرح لنا الألفاظ الكنسية على نحو يدل دلالة واضحة لا تخطئها الأذن على أنه يتجه بكلامه إلينا نحن القراء المسلمين الذين يجهلون هذا كـ"التونية" مثلا، وهى "ثوب الكتان الطويل الواصل حتى القدمين، والمزين بالصليب المقدس على الظهر والصدر والحواف، وكذا أطراف الأكمام. وكانت تونية الأب يوساب هى الوحيدة المطرزة صلبانها بالجواهر الكريمة من ياقوت وزمرد وماس وعقيق، بينما تونيات الإكليروس جميعا قد طرزت من خيط حرير كما هو متبع دائما" كما جاء فى كلامه نصا (ص13). فالكاتبة هى التى تتكلم كما قلنا، إذ إن بدير فى كلامه لنفسه، أو حتى فى كلامه إلى أبناء دينه وعصره أيام كان لا يزال نصرانيا لم يتحول إلى الإسلام بعد، لم يكن بحاجة إلى مثل هذا الشرح لأنه وإياهم كانوا يعرفون تماما ما هى التونية.

ولتحقيق المزيدمن الفائدة، ولكيلا أبدو مقصرا عن السيدة المؤلفة، هأنذا أسوق ما يقوله "قاموس الكنيسة" (الموجود فى "موسوعة الكتاب المقدس" الضوئية فى إصدارها الرابع) عن هذا المصطلح الكنسى. تقول المادة التى تحمل اسم "تونية" فى ذلك القاموس: "تونية باليونانية (? ? i???)، وبالإنجليزية ( dalmatic, tunic, shirt): ربما كانت اللفظة "تونية" من الكلمة اللاتينية " tunica" ( تونيكا). أما الاسم الدّارِج عند الأقباط فهو "كولوبيون"، ومنها جاءت كلمة "جلابية" باللغة العربية. و"الكولوبيون" هي تونية، ولكن بأكمام قصيرة مُثَبَّتة فيها، بينما أن أكمام التونيه طويلة يمكن تركيبها أو فصلها من التونية. ويستخدم السريان تونية بيضاء مثل الأقباط واليونانيين، ويطلقون عليها اسم " kutina" ( كوتينة- كوتينا). وهو اسم مُشتق من الكلمة اليونانية "خيوتونيون" حسب قول Renudot. والأرمن يطلقون عليها اسم " Shapich". وهي تُعرَف في الكنيسة اليونانية باسم "إستيخارة". وتُعرَف في الغرب باسم " Alb"، وهي في اللاتينية " L'aube".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير