تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والتونية رداء أبيض من الكتان أو الحرير يصل من الرقبة إلى رسغ القدم، ويرتديها الشمّاس أو الكاهن أو الأسقف. ولكنها للأسقف ذو أكمام يمكن تثبيتها أو رفعها. وفي الغرب لها حزام حول الخاصرة يرتديه الخدام أثناء القداس الإلهي. وهي بلونها الأبيض تمثل الطهارة والنقاوة حين يرتديها الخدام سائلين الرب قائلين: "قلبًا نقيًّا اخْلُقْ فيَّ يا ألله".وقد عرفتها الكنيسة الشرقية والغربية كقميص تحتي " under tunic" عادي يرتديه العامة. وقد استُخدِمَت في العبادة المسيحية منذ زمن مبكر. ولكنها لم تصبح رداءً كنسيًّا رسميًّا إلا في بداية القرن الخامس مثل بقية الملابس الكهنوتيّة. وتُزَيَّن التونية بالصلبان، وعند الأطراف بُحلى وبألوان لبعض المشغولات، وتُسمى: apparels".

إلا أن هناك مشكلةً ما كان أغنى المؤلفة، وما كان أغنانا نحن أيضا معها، عنها والمعاناة فنيا منها. ذلك أن الثوب الكنسى الذى يتحدث عنه بدير لم يكن فى ذلك الوقت يسمى: "تونية"، إذ من الواضح، كما رأينا فى الشرح المار لتوه، أن اسم ذلك الثوب هو تعريب لكلمة أجنبية ربما كانت هى الكلمة اللاتينية " tunica" كما قرأنا فى المادة الخاصة به فى قاموس الكنيسة. فهل كانت تلك الكلمة قد عُرِّبَتْ فى ذلك الوقت المبكر؟ بل هل كانت هى الكلمة المستعملة بين النصارى حينئذ؟ ذلك أن الشرح الذى أوردناه لتونا يذكر أن الاسم الدّارِج لها عند الأقباط هو "كولوبيون"، وأنها لم تصبح رداءً كنسيًّا رسميًّا إلا في بداية القرن الخامس مثل بقية الملابس الكهنوتيّة، أى بعد أحداث الرواية بثلاثة قرون تقريبا.

ليس ذلك فحسب، بل إن الرواية مملوءة بوصفات الأطعمة والأشربة والأدوية مغرقة فى دقائق الدقائق، مما لا يمكن أن يظل الراوى متذكرا إياه بعد كل هاتيك الأعوام الطوال، ومع ذلك نفاجأ بأن ذهنه كمبيوتر يابانى. صحيح أن الكمبيوتر اليابانى قد خرج أول من أمس من مسابقة كأس العالم حين فشل أحد لاعبيه فى تسديد ركلته الترجيحية وبكى بدموعٍ حِرَارٍ وغِزَارٍ خَشِيتُ والله معها أن يقوم بغرس السيف فى بطنه وإخراجه من ظهره أمامنا على شاشة المرناء على طريقة اليابانيين (وليس على طريقة المتبلدين ممن يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدى الأمريكيين والصهيونيين دون أن يختلج لهم ضمير بل دون أن يرفّ لهم هُدْب لسماكة جلودهم وتعطل آدميتهم وتلاشى أحاسيسهم. لكن هذه مسألة أخرى تفوّر الدم وتجلب ارتفاع الضغط، ونحن لسنا ناقصين، فلأعد إلى ما كنت بسبيله فأقول إننى خشيت أن يَبْخَع الولدُ اليابانىُّ نفسَه جَرْيًا على تقاليد اليابانيين) عندما يقصّرون فى حق أمتهم ولا يؤدون واجبهم تجاهها كما ينبغى، إلا أنى لا أقصد الكمبيوتر اليابانى البشرى الذى لم يستو تماما عوده فى كرة القدم بعد، وإن كان يسير على الطريق بخطا حثيثة منذ بدا له أن يشارك فى مسابقات كرة القدم العالمية، بل الكمبيوتر الآلى، الذى لا يهنّج ولا ينسى ولا يضطرب أبدا بخلاف شبيهه الصينى والتايوانى.

ونظير ذلك أسماء العازفين فى الفرقة التى كان من المنتظر أن تحيى حفل عرس أخى الراوى لولا أن خطيبة الأخ، وهى حبيبة الراوى السابقة، قد انتحرت فانقلب الفرح غما، إذ نرى بدير (ص35 - 36) ما زال يذكر أسماء أعضاء الفرقة، فضلا عن تفاصيل الأجور التى اتفق معهم عليها، وكأن الأمر لم يمر عليه سنوات وسنوات وسنوات وقع له فيها أحداث لم تكن تخطر له على بال أخذته من مصر إلى الشام فأنطاكية فالعراق فالشام مرة أخرى فمصر فى نهاية المطاف، وانتقل أثناءها من قَيِّمٍ فى كنسية قصر الشمع إلى أسير إلى خادم فى قصر المأمون ببغداد، كما ترك النصرانية وأصبح مسلما ... إلخ. وهذه هى السطور التى نحن بصددها. قال بدير: "رحت أتذكر، وأنا جالس فى مطرحى ذلك، العقد وكيف أخذت، وأنا أبرمه آنذاك، فى مجادلة رئيس الفرقة الموسيقية أونفريس بن آمونيوس الجريكى ليخفض من أجر فرقته حتى وافق على أن يحصل على أربعين زوجا من الأرغفة المصنوعة من البُرّ والحلبة وتسع جِرَارٍ من النبيذ وأربعة أنصاف فضة لكل عازف من عازفيه الذين كانوا معه: تاسيوس وأفونجس بن هيراكليس وكوبروس وآرسينوى"، فضلا عن أورليوس، الذى سيذكره بعد قليل رغم أنهم لم يكونوا من مدينته، بل من مدينة بعيدة، إلى جانب أنهم لم يكونوا مصريين أصلا بل يونانيين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير