تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[خالد محمد المرسي]ــــــــ[29 Oct 2010, 05:40 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

حديث الأسبوع

تجديد الخطاب السلفي [5 - (الأخير)]

بقلم / د. أحمد بن عبد الرحمن بن عثمان القاضي

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد:

فقد انتهى بنا المطاف في تعداد السمات اللازمة لتجديد الخطاب السلفي، إلى الحديث عن السعة والشمول. وهذا متصل بالحديث عن سمة ضرورية في كل حين، وفي هذا الزمان بصورة أشد.

سادساً: الائتلاف، والاجتماع

من أصول أهل السنة والجماعة، الدعوة إلى الوحدة، والائتلاف، ونبذ الفُرقة، والاختلاف. وقد جاء بذلك ناطق الكتاب، وصحيح السنة:

- قال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) [آل عمران: 103]، ثم أردفه بقوله: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [آل عمران: 105]،

- وقال: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) [الشورى: 13].

- وقال نبيه - صلى الله عليه وسلم -: (لاََ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ) متفق عليه. وأمثال هذه النصوص كثير.

وتأسيساً على هذه الأصول، وسعياً نحو هذه المقاصد، لا بد أن يكون الخطاب السلفي التجديدي، مسكوناً بروح الوحدة، والتأليف، بريئاً من لوثة الفرقة، والتحزيب. فلا بد أن ينعتق دعاة السلفية من كل ولاء، وانتماء، يتنافى مع الولاء لله، ولرسوله، وللمؤمنين. قال تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) [المائدة: 55].

لقد كان مذهب أهل السنة والجماعة مستقراً على طاعة ولاة الأمر؛ أبراراً، كانوا أم فجاراً، وعلى ترك الخروج على السلاطين، والسمع، والطاعة بالمعروف، والصبر على جور الولاة، حقناً للدماء، وتسكيناً للدهماء. والتزم أهل السنة، من بعد فتنة ابن الأشعث، بهذا المبدأ الصارم، وأثبتوه في متونهم العقدية، واعتصموا بوصية النبي - صلى الله عليه وسلم -: (وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، إِلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا، عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ فِيهِ بُرْهَانٌ) متفق عليه.

وحين انفرط نظام الخلافة الإسلامية الشاملة، وتكونت الدول المدنية الحديثة، اختلط الأمر، وصار الدعاة في حيص بيص، مع أنفسهم، ومع الأنظمة الحاكمة، بسبب الاختلاف في تكييف الأوضاع الجديدة. فنشأت خصومة، وقطيعة بين (الإسلاميين) والأنظمة، من جهة، وبين التوجهات الإسلامية، من جهة أخرى. وأعقب ذلك قلاقل، وفتن، وضعف، وفشل، واحتراب داخلي، استنفذ الطاقات، والْتهم المقدَّرات. قال تعالى: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) [الأنفال: 46].وتكونت (أدبيات) مشحونة، متوترة، في الخطاب الدعوي، سواء مع الأنظمة، أو مع المخالفين من الدعاة. ولا زالت الأمة تجتر هذه الويلات، وتهدر الأرواح، والطاقات، ويغذي ذلك أطراف خارجية متربصة، وجهات داخلية مندسة.

لابد من الخروج من (عنق الزجاجة)، والتخلص من هذه الدوامة التي تلف في إعصارها كثيراً من شباب الأمة، وعلماءها أحياناً. ولا ريب أن الاتجاه السلفي جزء في هذه المعضلة، يشارك بعض أفراده في تعقيدها، من حيث يشعر، أو لا يشعر.

قال شيخ الإسلام، ابن تيمية، رحمه الله:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير