وعن زينب بنت جحش رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعاً يقول:
(لا إله إ لا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من رجم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بأصبعيه الإبهام والتي تليها فقلت يا رسول الله أنَهلِكُ وفينا الصالحون قال: نعم إذا كثر الخبث) رواه البخاري ومسلم.
فدل الحديث على أن بعض الأمة في نزول العذاب صالحون وبعضهم تقع منهم ذنوب تصيب عقوباتها الكثير من الأمة في بعض الأزمنة وبعض الأمكنة. وفسر الخبث: بالزنا وعمل قوم لوط لقوله تعالى:] الخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَات [[النور:26]. وقوله تعالى عن لوط عليه السلام:] وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ القَرْيَةِ الَتِي كَانَت تَّعْمَلُ الخَبَائِث [[الأنبياء:74].
وفسر الخبث: بالخمر ونحوه من المكسرات والمخدرات لقوله صلى الله عليه وسلم: (الخمر أم الخبائث). ومعنى الحديث عام في كل محرم يظلم به المسلم نفسه.
أيها المسلمون أصل الظلم ( http://forums.hala-ksa.com/t66508.html) وضع الشيء في غير موضعه، وهو مخالفة شرع الله تعالى.
والظلم ثلاثة أنواع:
النوع الأول: ظلم للنفس لا يغفره الله تعالى إلا بالتوبة، وهو الشرك بالله تعالى. قال الله عز وجل:] إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً [[النساء:116].
وقال تعالى:] وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [[لقمان:13].
فمن مات على الشرك بالله تعالى خلده الله في النار أبداً، كما قال عز وجل:] إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار [[المائدة:72].
وكان ظلم الشرك غير مغفور لمن مات عليه لأجل مضادة رب العالمين في الغاية والحكمة من خلق الكون الذي خلقه لعبادته؛ ولأن شرك تنقص لعظمة الخالق وقدره جل وعلا. كما عز وجل:] وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [[الزمر:67].
وأي ظلم أعظم من أن يجعل الإنسان لرب العالمين ندّاً يعبده من دون الله الذي خلقه، وأي ذنب أكبر من أن يتخذ الإنسان مخلوقاً إلهاً من الصالحين، أو من غيرهم، يدعوه من دون الله، أو يرجوه، أو يستغيث به، أو يخافه كخوف الله، أو يستعين به، أو يتوكل عليه، أو يذبح له القربان، أو ينذر له أو يعده لرغبته ورهبته، أو يسأله المدد والخير، أو يسأله دفع الشر والمكروه.
أي ذنب أعظم من هذا الشرك بالله تعالى. قال سبحانه:] وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ. وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ [[الأحقاف:5ـ6].
وقال وعز وجل:] وَقَالَ اللَّهُ لاَ تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ. وَلَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ. وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ. ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ. لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ [[النحل:51ـ55].
ومعنى (واصباً) أي دائماً. فله الدين دائماً ما دامت السموات والأرض في الدنيا وفي الآخرة.
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سنتان موجبتان) قال رجل: يا رسول الله، ما الموجبتان؟ قال: (من مات يشرك بالله شيئاً دخل النار، ومن مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة) رواه مسلم.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من مات وهو يدعو لله ندّاً دخل النار) رواه البخاري.
¥