تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وتجد المسلم منذ قرون يطوف بالقبر وهو يقول لا إله إلا الله! فهل هذا يفهم معنى لا إله إلا الله كما يفهمها أبو جهل وأبو لهب؟! والله ما يفهم لا إله إلا الله، تجده يقول: لا إله إلا الله وهو يقول يا علي يا حسين!! هل هذا يفهم معنى لا إله إلا الله؟! ونحن نسمع كلام الله بالأصوات المؤثرة التي لو قرئ فيها كلام عادي؛ يعني تتأثر من جمالها وحسنها وترقيقها فكيف بكلام الله المؤثر بنفسه بذاته؟! هذا كافر كاد قلبه أن يطير! فماذا عنا؟! هل نحن بهذه الصفة؟! أتكلم عن نفسي، وأعرف من حال كثير من إخواني إنهم ليسوا كذلك! فلا بد من مراجعة الحسابات، الحسن يقول: " تفقد قلبك في ثلاثة مواطن، في قراءة القرآن، وفي الصلاة، وفي الذكر؛ فإن وجدته؛ وإلا فاعلم أن الباب مغلق " يعني بينك وبين ربك حجاب! فاسع إلى رفع هذا الحجاب، فهل سعينا إلى رفع هذا الحجاب؟! سعينا بجد؟ وبذلنا الأسباب؟ وعملنا على انتفاء الموانع التي تمنع ارتفاع هذا الحجاب؟! نحن على طريقة واحدة منذ أن بدأنا الطلب إلى يومنا هذا ونحن طريقتنا لا تتغير؛ بل الملاحظ أنها تتغير إلى الأسوأ!! أيام بداية الطلب كانت قلوبنا أفضل مما هي الآن! وهذا يجعل الإنسان يسيء الظن بنفسه، وبنيته، وطلبه للعلم .. هل هو على الجادة؟! العلم فائدته العمل، والقرب من الله - جل وعلا - فهل أفادنا هذا العلم القرب من الله - جل وعلا -؟! هل استحضرنا لذة المناجاة بين يدي الله - جل وعلا -؟! هل تلذذنا بصلاة ركعتين في جوف الليل؟! لا بد من إعادة الحساب، وإذا كان هذا كافر يسمع النبي - عليه الصلاة والسلام - يقرأ بسورة الطور؛ فيكاد قلبه أن يطير! كاد قلبه أن ينخلع - كما في بعض الروايات - فماذا عنا؟! ونحن ننتسب إلى طلب العلم، ونعنى في الظاهر والله أعلم بالبواطن والخفايا! في الظاهر نعنى بكتاب الله، وسنة نبيه - عليه الصلاة والسلام -، وهي ديدن كثير من الإخوان وطلاب العلم؛ لكن مع ذلك؛ النتيجة الغاية هل نحس فيها بلذة؟! ما نحس بشيء! فلا بد من إعادة النظر، لا بد من بذل الأسباب، والسعي بجد على انتفاء الموانع؛ يعني اعلم أن الباب مغلق! لا أبالغ إذا قلت أنني مرارا أبدأ بسورة يونس ولا أشعر إلا وأنا في سورة يوسف! أقول هذا عن نفسي، أين ذهبت سورة هود بين السورتين؟! يعني ثلاثة سور واحد وأربعين صفحة من القرآن، ثلاثة سور تبدأ من أولها إلى آخرها مررت بسورة هود؛ ولا كأن شيئا حصل! والنبي - عليه الصلاة والسلام - لما سأله أبو بكر وغيره أراك شبت يا رسول الله، قال: ((شيبتني هود وأخواتها))، الحديث لا يسلم من كلام لأهل العلم حتى قيل أنه مضطرب؛ لكن الحافظ ابن حجر يقول إنه يمكن ترجيح بعض الوجوه على بعض؛ فيكون حسنا، قصص لأمم غابرة ارتكبت ما ارتكبت من الذنوب والمخالفات، وعذبت بصنوف من العذاب، نقرؤها ونسمعها، وكأن الأمر لا يعنينا! والمسألة كما قال عمر وغيره: " مضى القوم ولم يرد به سوانا! " نحن المقصودون أيها الإخوان، ليس المقصود لا عاد، ولا ثمود، ولا أصحاب الأيكة، ولا مدين، ولا قوم فرعون، مضوا وانتهوا، لمن أنزل القرآن؟! أنزل لنا؛ لنعتبر ونتعظ وندكر، والسنن الإلهية واحدة لا تتغير، عذبوا بأسباب إذا وجدت هذه الأسباب؛ يعذب بها غيرهم {لن تجد لسنة الله تبديلا} ولم يستثنى من الأمم إلا قوم يونس، ما استثتي من هذه السنة الإلهية إلا قوم يونس، يعني لما انعقدت الأسباب، وحقت كلمة العذاب نفعهم إيمانهم؛ لكن غيرهم؟! السنن الإلهية لا تتغير ولا تتبدل، ونحن الآن واقعون في مسائل، وفي عظائم موجودة في مجتمعنا؛ ونخشى من عقوبة تنزل بنا، ومن أن يحل بنا ما حل بغيرنا من المثلات، والقوارع، نرى الناس يتخطفون من حولنا ونحن في بلد آمن؛ فعلينا أن نشكر هذه النعمة، ونقوم بشكرها، ونؤديه على الوجه المطلوب، لا يكفي اللسان؛ بل لا بد من العمل.

اصدق اللجأ، وأخلص النية؛ توفق بإذن الله

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير