تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

** حديث مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن أبيه، مطرف بن عبد الله سيد جليل من سادات التابعين، وأبوه صحابي، يقول: ((رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي وفي صدره أزيز كأزيز المرجل)) القدر إذا كان على النار وهو يفور، مع الأسف إن هذا يكاد أن يكون مما اندرس، حتى مع الأسف الشديد من بعض طلاب العلم، ولا أبالغ إذا قلت إن بعض العامة قد يوجد منه مثل هذا الأمر، وكثير من طلاب العلم بسبب الغفلة والانشغال فيما لا فائدة فيه؛ لما فتح على طلاب العلم أبواب الجرح والتعديل التي لا يستفيد منها الكثير، هذا صار له عقوبات، صار له حرمان من بركة العلم والعمل، أنا لا أقول كل طلاب العلم بهذه المكانة؛ لكنه موجود على كل حال , بعض طلاب العلم مع الأسف همه قال فلان، قال علان، القدح في العلماء، عليك بخويصة نفسك، ألزم ما عليك نفسك، أصلح نفسك أولا، تفقد الخلل الذي لديك، يعني يندر أن نسمع من يصلي وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء، من قلبه حاضر في صلاته، يتدبر ما يقرأ ويتأمل، والله المستعان.

والأزيز: هو الصوت الناتج من الغليان، غليان القدر إذا وضع على النار، وخرج البخاري عن عمر - رضي الله عنه - أنه قرأ سورة يوسف حتى إذا بلغ قوله - جل وعلا -: {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله} سمع نشيجه - رضي الله عنه وأرضاه -، وإلى وقت قريب ونحن نسمع من الأئمة ومن خلفهم مثل هذا الأمر، وإلى وقت قريب أيضا في ليلة الثالث عشر أو الثاني عشر عند قراءة سورة هود الثاني عشر أو الثالث عشر الناس يبكون، يسمع لهم شيء من هذا كثير، وبعض الأئمة وإن لم يكن صوته من الجمال بحيث يؤثر في الناس؛ لكنه يتأثر ويؤثر، وإن كان الحديث الوارد في هود وأن النبي - عليه الصلاة والسلام - سئل عن شيبه، سأله أبو بكر أراك شبت يا رسول الله!، قال: ((شيبتني هود وأخواتها))؛ لكن هود لا شك أنها مؤثرة، الخبر مضطرب، وبعضهم يرجح بعض الروايات على بعض وينفي الاضطراب؛ ولكن على كل حال هي مؤثرة سواء ثبت الخبر أو لم يثبت، وعندنا بعض الناس يقرأ سورة هود وكأنه يقرأ جريدة! يعني لا أثر ولا تأثير - نسأل الله العافية -، وهذا يخشى أن يكون من مسخ القلوب، ومعلوم أن مسخ القلوب أشد من مسخ الأبدان، فعلينا جميعا أن نعتني بهذا الباب.

إلى الله نشكو قسوة قلوبنا

** سورة الطور سورة عظيمة، تهز قلب الكافر قبل المسلم، ففي الصحيح من حديث جبير بن مطعم أنه قدم المدينة في فداء أسرى بدر، وكان يومئذ كافرا، فسمع النبي عليه الصلاة والسلام يقرأ في صلاة المغرب بسورة الطور، وأخبر عن نفسه أن قلبه كاد يطير من سماع هذه السورة، قال: وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي، وهذا كافر لا يؤمن بالله، ولا بما جاء عن الله؛ لكنه بفطرته مع تذوقه للكلام، فالعرب الذين نزل القرآن بلغتهم يفهمون ما يلقى إليهم، ومما يؤسف له أن كثيرا من المسلمين لا يعون ولا يدركون مثل هذا الإدراك، فتقرأ سورة الطور، وتقرأ سورة هود، وتقرأ الآيات التي لو أنزلت على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله، ومع ذلك لا تحرك ساكنا، هذا كافر كاد قلبه أن يطير، والنصارى إذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع، ومع الأسف أن المسلم في عصرنا هذا لا تكاد تحرك فيه ساكن؛ إلا من رحم الله، وهم قلة؛ لأننا نجد في أنفسنا، ونحن مع إخواننا من طلاب العلم يعني لنا صلة وإن كانت ضعيفة، حقيقة الصلة ضعيفة بكتاب الله؛ لكنها موجودة، يعني ولو كانت ناقصة، ومع ذلك كلام الله لا يحرك فينا ساكنا وما ذلكم إلا لقسوة القلوب، وما ران عليها من الذنوب، ومن أظهر ذلك التخليط في المأكول الذي ران على القلوب وغطاها، وغشاها؛ فصارت لا تفقه شيئا، إذا كان كلام الله يتلى بأصوات مؤثرة، ومع ذلك القلب لا يجل! ولا تزيدنا إيمانا مع الأسف، والله - جل وعلا - حصر الإيمان بالذين إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا، وجلت قلوبهم، ونحن لا تحرك ساكنا، فنشكو إلى الله -جل وعلا - قسوة القلوب، ومع هذه الشكوى لابد من بذل الأسباب؛ لإحياء الشعور فيها، أبو جهل وأبو لهب وغيرهم من مشركي قريش من عتاة وصناديد قريش إذا قيل لهم قولوا لا إله إلا الله نفروا، وقالوا: أجعل الآلهة إلها واحدا؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير