تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الآيات، ويتعلم ما فيها من علم وعمل، يراجع عليها ما يناسب سنه وتحصيله من التفاسير التي تعينه على فهم هذه الآيات، فإذا انتهى من القرآن فإذا به قد انتهى من العلم والعمل، يتعلم، يحفظ، يفهم، يستنبط، يعمل، كما قال أبو عبد الرحمن السلمي: " حدثنا الذين يقرؤوننا القرآن أنهم كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يعلموا ويعرفوا ما فيها من علم وعمل "، وتعلموا العلم والعمل جميعا بهذه الطريقة.

الرباني

"الرباني" منسوب إلى الرب، أو إلى التربية، إما لأنه يربي الناس، أو لأنه مطيع لربه فاعل لأوامره مجتنب لنواهيه، معتن بخلقه، وقيل في الرباني: إنه الذي يتعلم ثم يعمل ويعلم، فالمتعلم والمعلم هذا رباني، وعن ابن عباس أنه الذي يعلم الناس بصغار العلم قبل كباره، يعلم الناس بصغار العلم قبل كباره وعلى هذا عليه أن يتدرج مع الطلاب من الصغر إلى أن يكبروا، فيعلمهم المتون الصغيرة، ويحفظهم إياها، ويشرحها لهم بالطريقة المناسبة لاستيعابهم، وعقولهم ثم يتدرج إلى ما هو أكبر منها، ثم إلى ما هو أكبر، ويكون نظره إلى مصلحة الطالب لا إلى مصلحة نفسه؛ لأن بعض من يتصدى للتعليم ينظر إلى مصلحته، يأتي مجموعة من الطلاب يطلبون منه درسا فلا ينظر إلى مصلحتهم وما يناسبهم؛ بل ينظر إلى مصلحته هو، هو يحتاج هذا الكتاب، بغض النظر هل يستفيدون منه أو لا يستفيدون؟ هذا ليس برباني، هذا متعلم يريد أن يتعلم من قراءته في هذا الكتاب؛ لكن الذي ينظر إلى مصلحة الطالب ويوجهه إلى ما يفيده وينفعه ويناسبه هذا هو الرباني.

أيضا لو قدر أن شخصا يعلم الطلاب، نظر إلى هؤلاء المجموعة فوجدهم من المبتدئين أو المتوسطين وأراد أن يرفع من هممهم وينهض فجعل درسا في علل الدارقطني، وآخر في موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول لشيخ الإسلام، هذا نصح للطلاب و إلا ما نصح؟ والله ما نصح للطلاب، وهؤلاء الطلاب المجزوم به أنهم سوف يتركون الطلب، فعليه أن يتدرج بهم ينظر فيما يحتاجون يتلمس حاجاتهم ويعلمهم إياها.

قد يقول قائل: إن بعض الشيوخ لا يستطيع أن ينزل بطريقته وأسلوبه إلى صغار المتعلمين، هل هو من هذا النوع؟ نقول: إذا لم يقم بحاجة صغار المتعلمين لا بد أن ينزل، إذا لم يقم بها أحد، وإذا وجد من يعينه عليها ويقوم بها ويكفيه إياها لا مانع أن يعلم من فوقهم بطريقته وأسلوبه الذي يراه نافعا.

قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: الرباني هو المعلم، وأخذه من التربية أي يربي الناس بعلم كما يربي الطفل أبوه، وقال سعيد بن جبير: هو الفقيه العليم الخبير، وقال سيبويه: زادوا ألفا ونونا في الرباني إذا أرادوا تخصيصا بعلم الرب، كما قالوا: شعراني ولحياني لعظيم الشعر واللحية، وقال أبو عمر الزاهد: سألت ثعلبا عن هذا الحرف وهو الرباني فقال: سألت ابن الأعرابي فقال: إذا كان الرجل عالما عاملا معلما قيل له: رباني، فإن حرم خصلة منها لم يقل له رباني، وفي مفتاح دار السعادة للإمام المحقق ابن القيم: معنى الرباني: الرفيع الدرجة في العلم، العالي المنزلة فيه، وعلى ذلك حملوا قوله تعالى: {لولا ينهاهم الربانيون والأحبار} [(63) سورة المائدة] .. إلى آخره.

قبله في البخاري: "الذي يربي بصغار العلم قبل كباره" هناك أقوال كثيرة لكن أشهرها ما ذكرنا أنه إما الذي يربي الطلاب بصغار العلم قبل كباره، أو أنه الذي يعتني بنفسه وبغيره فيتعلم ويعمل ويعلم، ويكون وقته لله.

ـ[أم ديالى]ــــــــ[08 Oct 2010, 08:33 ص]ـ

جزاكم الله خيرا على هذه الدرر

ـ[عمرو الشرقاوي]ــــــــ[11 Oct 2010, 08:21 م]ـ

وجزاكم.

ـ[عمرو الشرقاوي]ــــــــ[11 Oct 2010, 08:25 م]ـ

(5)

العلم حفظ وفهم

فلا علم بدون فهم؛ لأن الاعتماد على الحفظ وحده دون فهم يصدق فيه ما يردده بعض الناس من قولهم بإزاء من يحفظ: زاد في البلد نسخة، يعني كون البلد فيها نسخ كثيرة من هذا الكتاب، وهذا يحفظ هذا الكتاب ولا يعاني فهمه، هذا بمثابة زيادة نسخة، وهذه العبارة، وإن كان أصلها ومنشأها سببه التقليل من شأن الحفظ، وقد راج قبل نصف قرن من الزمان الدعايات ضد الحفظ، حتى قال قائلهم ممن يزعم أنه يعاني تربية الجيل: أن الحفظ يبلد الذهن، الحفظ يبلد الذهن.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير