وتَمْتَنِع الإضَافَةُ في النداء إلى "كاف الخِطَاب" كقولك "يا غُلامَك" لأَّنه لا يَجوزُ الجمعُ بين خِطَابَيْن، ويجوزُ في النُّدْبة، أمًّا الغَائبُ والمُتَكلِّمُ فَيَجُوزُ نحو "يا غُلاَمَه" لِمَعْهُودٍ، أو "يا غُلاَمِي" أو "يا غُلامَنَا" (كما في المقتضب وأمالي الشجري). فإذَا أُضِيفَ المُنَادَى إلى ضَمِيرِ المتكلم فأجّوَدُ الوُجُوه حَذْفُ الياءِ نحو قولِه تعالَى: {يَا قَومِ لا أَسْأَلُكُم عَليهِ أَجْراً} (الآية "51" من سورة هود "11") وسَيَأتي تفصيلُ ذَلِك في رقم 8 من هذا البحث.
(3) الشَّبِيهُ بالمضاف، وهو ما اتَّصَل به شَيْءٌ من تَمَامِ مَعْنَاه، مَعْمُولاً له، نحو "يَا ضَاحِكاً وجْهُهُ" و "يا سَامِعاً دُعَاءَ المَظْلُومِ".
(جـ) ما يجُوزُ ضَمُّه وفَتْحُه:
مَا يَجُوزُ ضمُّهُ على الأصل، وفَتْحُه على الإِتْبَاع، نَوْعَان:
(1) أَنْ يكونَ عَلَماً مُفْرَداً مَوْصُوفاً بابنٍ متَّصلٍ به، مضافٍ إلى عَلَمٍ نحو "يا خالدُ بنَ الوليد" والمختار الفتح لخِفَّتِه، ومنه قولُ رُؤبة:
يا حكَمَ بنَ المُنذِرِ بنِ الجارُودْ * سُرادِقُ المَجْدِ عَلَيْكَ ممْدُودْ
فإن انْتَفَى شَرْطُ ممّا ذُكِر تَعَيَّنَ الضَّمُّ كما إذا قُلتَ "يَا رَجُلُ ابنُ عليٍّ" و "يا أحمدُ انْنُ عَمِّي" لانتِفاءِ علميِة المنادَى في الأولى، وعلميةِ المضافِ إليه في الثانية، وفي نحو "ياخالِدُ الشجاعُ ابنُ الوَليد"، لوجودٍ الفصل، ونحو "يا عليُّ الفاضلُ" لأنَّ الصفةَ غيرُ ابن. والوَصْفُ بـ "ابنة" كالوَصْفِ بابْن نحو "يَا عَائِشَةَ ابْنَةَ صَالحٍ" بِخِلافٍ "بِنْت" لِقلَّةِ استعمالها في نحو ذلك.
(2) أنْ يكُونَ مُكَرَّراً مُضافاً نحو قوله:
فَيَا سَعْدُ سَعدَ الأَوسِ كنْ أنتَ نَاصراً * ويا سَعْدَ سعدَ الخَزْرَجِيَّين الغَطَارِفِ
وقولُ جرير:
يا تَيْمَُ تَيْمَ عَدِيٍّ لا أبَا لَكُمُ * لا يُلْفِيَنَّكُمُ في سَوءةٍ عُمَرُ
فالثَّاني: واجِبُ النَّصبِ، والوَجْهَان في الأول، فإنْ ضَمَمْتَه وهو الأَكْثَرُ فالثَّاني عطفُ بَيَان أو بَدَل بإضْمار "يا" أو "أعْنِي" وإنْ فَتَحتَه فهو مُضَافٌ لِما بضعْدَ الثاني، والثَّاني زَائِدٌ بينهما.
* يجوزُ تَنْوينُ المُنَادَى المبني للضَّرُورة:
يجُوزُ تنوينُ المنادى المبنيِّ في الضرورة بالإجماع، ثم اختلفوا: هل الأَوْلَى بقاءُ ضَمِّه مع التَّنْوين، أو نصبِه مع التنوين، فالأوَّل قَال بِه الخليلُ وسيبويه والمازني عَلَماً كَان أو نَكِرةً مَقْصُودَةً كقول الشاعر - وهو الأَحْوص -:
سَلاَمُ اللَّهِ يا مَكَرٌ عَلَينا * ولَيْسَ عَلَيكَ يا مَطَرُ السلام
وعلى نصبِه مع التَّنْوين قول عِيسى بنِ عَمْرٍو الخَرْمِيّ والمُبِّرد، رَدْاً على أصْلِه، كما رُدَّ المَمْنُوع مِنَ الصَّرْف إلى الكَسْر في الضَّرُورَةِ (واختار ابنُ مالك في التسهيل: بقاءُ الضمِّ في العلم والنَّصبِ في النكرة المعيَّنَةِ - أي المَقْصُودة - وقال السيوطي في الهمع: وعِنْدِي عَكْسه، وهو اختيار النَّصْب في العلم لعَدَم الإلباس فيه، والضم في النكرة المُعَيَّنة لئلا يَلْتَبِس بالنكرة غير المقصودة، إذ لا فَارِق حينئذٍ إلا الحركة لاسْتِوائهما في التَّنْوين، يقول السيوطي: ولم أقف على هذا الرأي لأحدٍ - يعني رأيه -)، كقول الشَّاعر - وهو المُهَلْهِل:
ضَرَبَتْ صَدْرَها إليَّ وقَالتْ * يا عَدِيّاً لقَد وَقَتْك الأَوَاقِي
وقوله: "يا سَيِّداً ما أنْتَ مِن سيِّد". وإعرابُ الصم المُنَوَّن للضَّرُورَة في "يَا مَطَرٌ" مَطَر مُنَادى مُنَوَّن للضَّرُورَة مبني على الضم وإعْرابُ المُنَوَّن بالنَّصبِ للضَّرُورَةِ وهو مَبنيٌّ على الضم.
-6 الجَمْعُ بَيْنَ "يَا" و "ألْ":
لاَ يدءخُل في الَّعَةِ حَرْفُ النَّدَاء على مَا فِه أَلْ إلاَّ في أَرْبَعِ صُوَر:
(أ) اسْمُ الجَلاَلةِ تقول "يَا أللّه" بإثْبَاتِ الأَلِفَيْن و "يلَّله" بحذفهما و "يا للَّه" بحذف الثانية فقط. والأكثرُ أنْ يحْذَفَ حرفُ النِّداء، وتُعوَّض عنه المِيمُ المُشَدَّدة، فتقول: "اللَّهُمَّ" وقَدْ يُجْمَعُ بينَنهما في الضَرُورَةِ النّادِرَةِ كقولِ أبي خِراش الهُذَلي:
إنِّي إذَا مَا حَدَثٌ أَلَمَّا * دَعَوْتُ يا الَّلهُمَّ يا اللَّهُمَّا
¥