تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[فائدة حول بناء بعض الأسماء]

ـ[مهاجر]ــــــــ[28 - 03 - 2006, 04:52 ص]ـ

بسم الله

السلام عليكم

اختلف العلماء في سبب بناء بعض الأسماء، كالضمائر، والأسماء الموصولة، وأسماء الإشارة، وبعض الظروف:

فعند بعض العلماء: سبب بناء الأسماء، مشابهتها للأفعال في المعنى، ومثاله عندهم: "نزال وهيهات"، فإنهما لما أشبها "الفعل انزل، وهو فعل أمر، وبعد، وهو فعل ماض"، بنيا، وهذا السبب غير صحيح، لأنه يلزم منه بناء نحو "سقيا لك" و "ضربا لك"، و "قياما لا قعودا"، لأنها بمعنى فعل الأمر، "الدال على طلب السقاء" في الأول، وإن كان الأمر فيه، عند التحقيق أمرا لفظيا، لأنه طلب أدنى من أعلى والأمر طلب أعلى من أدنى وعليه يكون تقدير الكلام: سقاك الله، وفعل الأمر "الدال على طلب الضرب" في الثاني، وتقدير الكلام في الثالث: قم ولا تقعد، والحقيقة أن كل ما في الباب أن عامل المصدر قد حذف وجوبا لأن المصدر وقع بدلا منه، وهذا أمر مقيس في الأمر والنهي، وحذف العامل لم يلغ عمله في المصدر، لأنه فعل، والفعل عامل قوي يعمل حتى مع حذفه، فدل ذلك على إعراب هذه الألفاظ، رغم دلالتها، كما تقدم، على أفعال مبنية، والله أعلم.

ويلزم من ذلك، أيضا، لازم عكسي، وهو إعراب بعض الأسماء المبنية لمشابهتها لأفعال معربة، كـ "أوف" و "أوه" و "وي"، فهي أسماء أفعال تدل على معاني الأفعال: (أتضجر وأتوجع وأتعجب)، على الترتيب، وهي أفعال مضارعة معربة، ورغم ذلك لم تعرب الأسماء الدالة عليها، والله أعلم.

والسبب الحقيقي لبناء مثل هذه الألفاظ، أي أسماء الأفعال، هي مشابهتها للحروف في كونها تعمل فيما يليها ولا يعمل فيها أي عامل.

وقال البعض، ومنهم ابن الحاجب، المالكي، رحمه الله، قالوا بأن من أسباب البناء عدم التركيب، وعليه تكون الأسماء قبل تركيبها في الجمل مبنية، وهذا رأي له حظ من النظر من جهة الدلالة العقلية البحتة، ولكنه لا يصمد، عند التحقيق، أمام حجة المخالف، بأن محل البحث، في علم النحو، هو الكلمات المركبة في الجمل، وعليه عرف النحويون الكلام، الذي هو محل البحث في علم النحو، بأنه: اللفظ المركب المفيد بالوضع، كما ذكر ذلك ابن آجروم، رحمه الله، في مقدمته، فالكلمات المطلقة لا ينطبق عليها من هذا الحد إلا قوله: "اللفظ"، فلا هي مركبة، ولا هي دالة على معنى مفيد، فإن للسياق دورا كبيرا في تحديد المعنى المراد، فلك أن تتخيل رجلا ينطق بلفظة "عنب"، على سبيل المثال، مفردة، دون تركيب يفيد السامع معنى، ودون أي قرينة خارجية تدل على أي معنى مراد، لاشك أنك لن تفهم مراده بل قد ترميه بالجنون إن استمر على ترديد اللفظ مجردا، خلاف ما لو نطقه مع قرينة خارجية مناسبة، كأن يقف أمام بائع يعرض عنبا وأصنافا أخرى، ويشير إلى العنب قائلا: عنب، فإن القرينة قد أغنت عن ذكر تمام الجملة، فلسان حاله يقول: أريد عنبا، وبهذا رد شيخ الإسلام، رحمه الله، على كثير من مؤولة الصفات، الذين تمسكوا بظواهر نصوص قد توهم، للوهلة الأولى، تشبيها أو معنى فاسد، ونزعوا الكلمات المشتبهة من سياقها، وتمسكوا بها مجردة عن سياق الكلام الأصلي، وقالوا: لابد أن نصرف هذه الألفاظ الموهمة عن ظاهرها، لننزه الله، عز وجل، بزعمهم، ولو أنهم نظروا لسياق النص، وفهموا هذه الكلمات من خلاله، لا من خلال نزعها والنظر إليها بشكل مفرد مجرد عن التركيب والقرائن، لما حصل لهم هذا الإشكال، فعلى سبيل المثال:

في قوله تعالى: (ولتصنع على عيني)، هل يعقل أن يكون المعنى: ولتصنع على عيني يا موسى، بمعنى فوق عيني، فيلزم من ذلك، تأويل صفة العين بالحفظ والرعاية، إن من قال بهذا التأويل قد أغفل سياق الكلام، في الآيات السابقة واللاحقة لهذه الآية، فكلها آيات يمتن الله، عز وجل، فيها على كليمه موسى، صلى الله عليه وسلم، بحفظه ورعايته له مذ كان رضيعا، لما قذفته أمه في اليم، فالتقطه آل فرعون، فألقى الله، عز وجل، محبته في قلوبهم، فنشأ بينهم عزيزا كريما، وعليه لا يمكن تفسير قوله تعالى: (ولتصنع على عيني)، إلا بمعنى الحفظ، دون نفي صفة العين، لله، عز وجل، وهذا فارق مهم بين قول أهل السنة والجماعة، وقول

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير