واللام في الرؤيا مقوية لوصول الفعل إلى مفعوله إذا تقدم عليه، فلو تأخر لم يحسن ذلك بخلاف اسم الفاعل فإنه لضعفه قد تقوى بها فتقول: زيد ضارب لعمر وفصيحاً. والظاهر أن خبر كنتم هو قوله: تعبرون. وأجاز الزمخشري فيه وجوهاً متكلفة أحدها: أن تكون الرؤيا للبيان قال: كقوله: وكانوا فيه من الزاهدين، فتتعلق بمحذوف تقديره أعني فيه، وكذلك تقدير هذا إن كنتم أعني الرؤيا تعبرون، ويكون مفعول تعبرون محذوفاً تقديره تعبرونها. والثاني: أن تكون الرؤيا خبر كان قال: كما تقول: كان فلان لهذا الأمر إذا كان مستقلاً به متمكناً منه، وتعبرون خبراً آخر أو حالاً. والثالث: أن يضمن تعبرون معنى فعل يتعدى باللام، كأنه قيل: إن كنتم تنتدبون لعبارة الرّؤيا، وعبارة الرّؤيا مأخوذة من عبر النهر إذا جازه من شط إلى شط، فكان عابر الرّؤيا ينتهي إلى آخر تأويلها.
تأمل معي قول أبي حيان:
وأجاز الزمخشري فيه وجوهاً متكلفة
فالوجه الثالث لدى الزمخشري وهو تضمين الفعل المتعدي " تعبرون " لمعنى فعل لازم يتعدى باللام " تنتدبون "؛ هو وجه من أساليب لزوم الفعل المتعدي، وعليه يعطينا الزمخشري سببا غير التقديم للزوم.
والوجه الثاني جعل "للرؤيا " خبرا لكان، فتنتهي علاقتها بالفعل " تعبرون" إذ تعرب جملته في هذه الحالة خبرا ثانيا لكان أو حالا. وعليه لم يعد العامل " تعبرون " يعمل في " للرؤيا " لا تأخيرا ولا تقديما.
والوجه الأول مجيء " للرؤيا " للبيان وتعليقها بمحذوف تقديره أعني، يجعلها معمولا لفعل آخر، ويجعل معمول " تعبرون " محذوفا تقديره الهاء " تعبرونه ".
تأمل معي مرة أخرى قول أبي حيان:
وأجاز الزمخشري فيه وجوهاً متكلفة
ثم تأمل قول أبي حيان وهو المشهور بين النحاة
واللام في الرؤيا مقوية لوصول الفعل إلى مفعوله إذا تقدم عليه
أما ما فهمته من الشيخ الدكتور عبد الغني عبد الجليل حفظه الله ورعاه فقد يكون:
حوله من فعل متعد بنفسه إلى فعل متعد بحرف جر.
والنحاة يعتبرون أن الفعل المتعدي بحرف الجر لازم مقارنة بالفعل المتعدي أصالة.
وعندما تختلف أقوال النحاة في مسألة؛ فليس يحتم ذلك علينا أن نتفق، أي الأقوال هو الصواب قطعا؟
مع تقديري لمشاركاتكم الثرية
ـ[مهاجر]ــــــــ[20 - 03 - 2006, 05:13 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
جزاك الله أيها الكريم على هذا الشرح القيم لهذه المسألة، فمن أخذ برأي الزمخشري، غفر الله له، في تضمين الفعل "تعبرون"، معنى فعل لازم لا يتعدى بنفسه، وإنما يتعدى بحرف جر كاللام، كـ "تنتدبون"، فقد تكلف، كما ذكر ذلك أبو حيان رحمه الله.
لا حرمنا الله مداخلاتك القيمة