لو كانت (لعل) على أصلها تنصب الاسم وترفع الخبر، كان يقول: لعل أبا. لما قال: أبي. دل على أنها حرف جر، والإعراب أن تقول: لعل: حرف جر شبيه بالزائد، أبي: مبتدأ، مبتدأ مرفوع بالواو، والتي منع من ظهورها الياء التي جاءت من أجل الجر؛ لأن الياء منين جاءت؟ بسبب حرف الجر، ونحن نريد الواو. فهنا نقول: أبي: مبتدأ مرفوع بواو مقدرة منع من مجيئها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، ما هي بحركة هنا، لكن من باب التسامح في الإعراب يقال حركة ما في مانع (لعل أبي)، وعلى هذا كلمة (أبي) من جهة اللفظ مجرورة، لكن من جهة المحل مرفوعة، وتأخذونها قاعدة في حروف الجر الزائدة: أن الاسم اللي يدخل عليه حرف الجر باللفظ مجرور، لكن في المحل على حسب: قد يكون مرفوعا، وقد يكون منصوبا، فهكذا هنا كلمة (أبي)، و (أبي) مضاف، و (المغوار) مضاف إليه مجرور.
وقوله قريب: هذا هو خبر المبتدأ، وهذا هو الدليل على أن أبي، أنه مبتدأ، وعلى هذا نقول: إن الجار والمجرور -لعل- لا يحتاج إلى متعلَّق؛ لأنه حرف جر زائد، أو شبيه بالزائد، ها؟ شبيه بالزائد.
طيب، هل تريدون أن تعرفوا الفرق بين حرف الجر الأصلي والزائد والشبيه بالزائد؟
الجواب: نعم. حرف الجر الأصلي له صفتان: الصفة الأولى: له معنى خاص. الصفة الثانية: له متعلَّق.
هذا حرف الجر الأصلي، له معنى خاص، مثل في: للظرفية، على: للاستعلاء، إلى: انتهاء الغاية. إذن كل حروف الجر الأصلية لا بد لها من معنى، بعضها قد يكون له أكثر من معنى.
الوصف الثاني وهو أيش؟ يحتاج إلى متعلَّق، كما قلت لكم في أول الكلام. حرف الجر الزائد ينعدم فيه الوصفان، ليس له معنى خاص، وليس له متعلَّق، نعم، حرف الجر الزائد يا إخوان، ما جاء إلا لغرض التوكيد؛ ولهذا كل حروف الجر الزائدة ما لها إلا التوكيد فقط، إذن هل هذا معنى خاص؟ هذا معنى عام.
الوصف الثاني العدمي: لا تحتاج إلى متعلَّق، حرف الجر الشبيه بالزائد، خذ وصفا من الأول ووصفا من الثاني، خذ وصفا من الأول له معنى، وخذ وصفا من الثاني ليس له متعلَّق؛ ولهذا سموه (شبيه بالزائد)، يعني: له علاقة بحرف الجر الأصلي أنه يشبهه من جهة المعنى، أن له معنى خاص، ولهذا (لعل) اللي مرت علينا دي أيش معناها؟ ها؟ الترجي. إذن لها معنى خاص لكنها لا تحتاج إلى متعلَّق.
والخلاصة: أن حروف الجر من حيث الأصالة وعدمها ثلاثة أنواع: حرف جر أصلي: وهو ما له معنى خاص ويحتاج إلى متعلَّق، حرف جر زائد: ليس له معنى خاص ولا يحتاج إلى متعلَّق، كذا؟ حرف جر شبيه بالزائد: له معنى خاص ولا يحتاج إلى متعلَّق.
الثالث اللي ذكره ابن هشام: الذي لا يحتاج إلى متعلَّق: (لولا)، كقولك: لولاك في ذا العام لم أحجج
* الشرح:
أظن عندكم بالنسخة المطبوعة: (كقولك)، ولّا لا؟
وهذا في الواقع وجد واحدة من المخطوطتين، لكن المخطوطة الثانية وهي الصواب قال: (كقوله). هذا أصوب؛ لأن هذا شطر من بيت الشعر ينسب للعرجي، إذن تكتب في نسختك: لعل الصواب (كقوله)، كما في المخطوطة الأخرى لهذه الرسالة.
(لولا) إذا دخل عليها، إذا اتصلت بالضمير فهي حرف جر، لو قلت: لولاك، لولاي، لولاه، حرف جر الآن، وهي حرف جر شبيه بالزائد، ليه شبيه بالزائد؟ لأن له معنى، وهو أنه حرف امتناع لوجود، لكنها لا تحتاج إلى متعلَّق.
طيب، كيف تعرب لولاك؟ تقول: لولا: حرف امتناع لوجود وجر شبيه بالزائد. وعلى هذا نقول: لا تكون (لولا) من حروف الجر، إلا إذا اتصلت بالضمير، أما لو دخلت على الاسم الظاهر، مثل: لولا زيد لأتيتك، هنا ليست بحرف جر، لكن إذا اتصلت بضمير فهي حرف جر، الكاف: لها محلان من الإعراب: فهي في محل جر بـ (لولا)، وهي في محل رفع مبتدأ، هكذا يقول شيخ النحويين سيبويه، يعربها هكذا، يقول: الكاف لها محلان: بالنسبة للظاهر في محل جر؛ لأنه دخل عليها حرف جر، وبالنسبة للمحل في محل رفع مبتدأ، والخبر محذوف وجوبا. والتقدير في البيت الذي معنا: لولاكِ موجودة في ذا العام لم أحجج.
وقوله: (في ذا العام)، في: حرف جر، وذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل جر، العام هنا قاعدة، اكتبوها عندكم مفيدة، إذا جاء بعد اسم الإشارة اسم محلى بـ (أل)، فلك أن تعربه بدلا، أو عطف بيان، أو صفة، لكن إن كان مشتقا، فالأحسن أن يكون صفة، مثل لو قلت: مررت بهذا القائم. القائم مشتق لأنه اسم فاعل، أحسن أنك تعربه صفة، وإن كان جامدا، مثل الكلمة اللي معنا دي (العام)، فالأحسن أن تعربه بدلا أو عطف بيان، هذه قاعدة الاسم المحلى بـ (أل) بعد إيه؟ بعد اسم الإشارة.
وقوله: (لم أحجج)، لم -كما سيأتي إن شاء الله-: حرف نفي وجزم وقلب، وأحجج: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون، وحرك بالكسر لأجل الروي.
الحرف الرابع الذي لا يحتاج إلى متعلَّق: كاف التشبيه. نحو: زيد كعمرو.
------
حرف التشبيه كونه ما يحتاج إلى متعلَّق، هذا رأي لبعض النحويين، وإلا فإن ابن هشام رجح في (مغني اللبيب) أن حرف الجر الدال على التشبيه حرف جر أصلي، حكمه حكم غيره من الحروف، يحتاج إلى متعلَّق، واضح؟ ابن هشام هنا جرى على قول بعض النحويين، والقول الثاني -وهو الأرجح-: أن كاف التشبيه حرف جر أصلي، وحروف الجر الأصلية تحتاج إلى متعلَّق؛ ولهذا تقول: زيد مبتدأ مرفوع بالابتداء، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، كعمرو: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ. وننتهي إلى أن حرف الجر الذي يحتاج إلى متعلَّق هو حرف الجر الأصلي، وأما حرف الجر الزائد والشبيه بالزائد، فهذا لا يحتاج إلى متعلَّق، وبهذا نكون قد أنهينا المسألة الأولى، وهي الأساس في الموضوع، المسائل الباقية أمرها سهل
منقووول من ملتقى أهل التفسير
للكاتب عبدالرحمن الشهري
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=2501
جزى الله الكاتب خير الجزاء ... فقد وضح وأفاد وأجاد بالشرح والتفصيل ...
والله أعلم.
¥