تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الأفضل هنا تعليل السكون (ولا أقول الجزم) على التخفيف حملاً على تخفيف وسط الثلاثي الوارد على وزن "فَعُلَ" فَـ"حَمُكَ" في "يرحَمُكَ الله" على وزن "فعُل" وكثيراً ما يخفف الوسط في مثل هذا.

وقد قال ابن هشام بهذا في تخريج بيت لامرئ القيس، وهذا نص ما يقول في شرح شذور الذهب:

[وأقول: العاشِرُ من المرفوعات ـــ وهو خاتمتُها ـــ الفعلُ المضارعُ إذا تجرَّدَ من ناصب وجازم؛ كقولك: «يَقُومُ زَيْدٌ» و «يَقْعُدُ عَمْرٌو».

فأمَّا قول أبي طالب يخاطب النّبي صلى الله عليه وسلّم (الوافر)

100 ـــ مُحَمَّدُ تَفْدِ نَفْسَكَ كلُّ نَفْسسٍ

إِذَا مَا خِفْتَ مِنْ شَيْءٍ تَبَالاَ

فهو مقرون بجازم مُقَدَّر؛ وهو لام الدّعاء، وقوله: «تَبَالاَ»؛ أصله: «وبالا» فأبدل الواو تاءً؛ كما قالوا في وُرَاثثٍ، وَوُجَاهٍ: تُرَاث، وتُجَاه. وأما قول امرىء القيس: (السَّريع)

101 ـــ فالْيَوْمَ أَشْرَب غَيْرَ مُسْتَحْقِببٍ

إثْماً مِنَ اللَّهِ ولا واغِللِ

فليس قوله: «أشرب» مجزوماً، وإنَّما هو مرفوع، ولكن حذفت الضّمّة للضّرورة، أو على تنزيل «رَبُغَ» بالضم من قوله: «أشْرَبُ غَيْرَ» منزلة عَضُدٍ ـ بالضّم ـــ فإنّهم قد يُجْرُونَ المنفصل مُجْرَى المتصل؛ فكما يقال في عَضُدٍ بالضم: عَضْدٌ بالسكون؛ كذلك قيل في: «رَبُغَ» بالضّمّ: «رَبْغَ» بالإسكان]

انظر أيضاً تخريجات قراءة قنبل (ومن يتقي ويصبر) بإثبات الياء في "يتقي" وإسكان راء "يصبر"، والله أعلم

أخي أبا بشر

لو لم يكن احتمال الجزم واردا لكان الأولى تعليل السكون تخفيفا، ولكن التعليل للجزم جاء لأسباب منها:

1ـ تصريح القائل بأنه إنما أراد الجزم حينما قال:

فقلت له الفعل هنا مرفوع لم جزمته؟ قال "هنا يجوز جزمه لإنه كالفعل الطلبي".

2ـ لأن الجملة إنشائية دعائية، فهو إنما أراد الدعاء، والتقدير (ليرحمك الله) فهي تكاد تطابق (محمد تفد نفسك كل نفس)، من حيث تقدير لام الدعاء قبل المضارع، إلا أن الأول مختار والثاني مضطر لكون الكلام شعرا.

3ـ تخفيف المضارع المرفوع بإسكان آخره ورد في مواضع قليلة مسموعة، فهو غير مطرد ولا يقاس عليه، ولو توسعنا في هذه المسألة لاختلطت المفاهيم، كما أن ابن هشام إنما خرَّج المسموع في بيت امرئ القيس ولم يقل بالاطراد أو القياس عليه لذا أرى أن الأحسن الاقتصار في ذلك على المسموع.

والله أعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير