تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[فائدة نحوية من كلام شيخ الإسلام رحمه الله]

ـ[مهاجر]ــــــــ[30 - 04 - 2006, 11:59 ص]ـ

بسم الله

السلام عليكم

يقول شيخ الإسلام رحمه الله: (والمقصود هنا ذكر من يقع ذلك منه، "أي تفسير ألفاظ القرآن والسنة بمصطلحات حادثة"، من غير تدبر منه للغة الرسول صلى الله عليه وسلم، كلفظ: القديم، فإنه في لغة الرسول صلى الله عليه وسلم التي جاء بها القرآن خلاف الحديث، "أي القديم ضد الحديث"، وإن كان مسبوقا بغيره، كقوله تعالى: (حتى عاد كالعرجون القديم)، وقال تعالى عن أخوة يوسف: (تالله إنك لفي ضلالك القديم)، وقوله تعالى: (أفرأيتم ما كنتم تعبدون * أنتم وآباؤكم الأقدمون)، وهو، أي القديم، عند أهل الكلام عبارة عما لم يزل أو عما لم يسبقه وجود غيره إن لم يكن مسبوقا بعدم نفسه، "أي ما يعرف بالأزلي"، ويجعلونه، إذا أريد به هذا، من باب المجاز، ولفظ "الحديث" في لغة القرآن مقابل لفظ "القديم" في القرآن والحديث وسائر لغة العرب).

فشيخ الإسلام، رحمه الله، يلفت النظر إلى اصطلاحات المتكلمين والأصوليين والنحويين ....... الخ، الحادثة بعد نزول القرآن، وينبه على خطأ من استعمل هذه المصطلحات الحادثة في تفسير ألفاظ القرآن والسنة، فالقرآن والسنة يفسران بلغة سابقة لهما، أو معاصرة لهما، فمن أراد، على سبيل المثال، أن يفسر القرآن والسنة بلغة امرئ القيس، قبل ذلك منه ولم ينكر عليه، فابن كثير، رحمه الله، على سبيل المثال، يستشهد بقول امرئ القيس:

كدأبك من أم الحويرث قبلها ******* وجارتها أم الرباب بمأسل

في تفسير قوله تعالى: (كدأب آل فرعون والذين من قبلهم)، فالداب هو: السنة والعادة.

ومن أراد أن يفسر القرآن بلغة حادثة بعده، رد ذلك عليه وأنكر، ولذا نجد علماء النحو يفرقون بين أبيات الاحتجاج، وأبيات الاستشهاد، فيأتون بأبيات لشعراء متأخرين، كأبي الطيب وأبي فراس وأبي نواس وأبي العتاهية وغيرهم، على سبيل الاستشهاد لا الاحتجاج، لأن لغتهم، وإن كانت أفصح لغات زمانهم، لا تصلح لتفسير نصوص سابقة عليها بعشرات إن لم يكن مئات السنين، ونجدهم يهتمون بتحديد أزمنة الاحتجاج وأزمنة الاستشهاد، فالاحتجاج عندهم حتى سنة 150 هـ في الحواضر و 250 هـ في البوادي، على تفصيل ليس هذا موضعه، وهذا يشبه إلى حد كبير صنيع المحدثين في الاحتجاج والاستشهاد، فهم يصدرون أبواب كتبهم بالأحاديث القوية التي تصلح للاحتجاج وإن لم يتابع راويها، ثم يعقبونها بأحاديث لا تصلح بمفردها للاحتجاج حتى ينضم إليها ما يقويها، وهي الأحاديث التي يستأنس بها في إثبات الحكم الذي عقد الباب من أجله، والله أعلم.

ويضرب شيخ الإسلام، رحمه الله، المثل بلفظ "القديم"، فالقديم في لغة العرب التي نزل بها القرآن: ضد الحديث، أي الشيء الذي مر عليه زمن، وهو نفس المعنى في لغتنا المعاصرة، فنقول هذا الشيء قديم، وهذا الشيء جديد أو حديث، ولا يلزم من ذلك أنه أزلي، بل الغالب، إن لم يكن السائد، أنه غير أزلي، فأي شيء مما نستخدمه في حياتنا، لا يجادل عاقل في كونه مخلوقا حادثا بعد أن لم يكن، وهو إلى فناء لا محالة، وهكذا جاء النص القرآني، كما في قوله تعالى: (حتى عاد كالعرجون القديم)، والعرجون الموصوف بالقدم مخلوق بلا جدال، وقوله تعالى: (تالله إنك لفي ضلالك القديم)، والضلال هنا هو: الحب، كما فسره القرطبي، رحمه الله، أي: ما زلت على حبك الأول أو القديم ليوسف صلى الله عليه وسلم، والحب أو حتى الضلال المعروف الذي هو عكس الهداية، كلاهما مخلوقان.

وأما المتكلمون فإنهم اصطلحوا "اصطلاحا حادثا"، على أن القديم هو الذي لم يسبق بفناء، أي "الأزلي"، وعليه جوزوا وصف الله، عز وجل بـ "القديم" أو "الأزلي"، وكثيرا ما يرد هذا الوصف في كتبهم، لأن الله، عز وجل، لا يسبق بفناء ولا يلحقه الفناء، فهو الأول فليس قبله شيء، وهو الآخر فليس بعده شيء، فعدل المتكلمون، على عادتهم، عن اللفظ القرآني "الأول" إلى لفظ حادث مصطلح عليه "القديم"، ومن هنا قد يقع الخلل في تفسير آي القرآن، فلك أن تتخيل مفسرا يفسر لفظ "القديم" في قوله تعالى: (كالعرجون القديم)، بالأزلي الذي لم يسبقه عدم، فلازم هذا القول: أن القمر قديم أزلي غير

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير