تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[إضافة الظرف (بين) ... مما كتبته في السفر]

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[20 - 04 - 2006, 05:48 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، أما بعد

فقد ذكر أحد الأساتذة الفضلاء في حلقة بحث علمية أن الظرف (بين) إذا أضيف إلى مفرد وجب تكرارها معطوفة كما في قوله تعالى: (هذا فراق بيني وبينك)، وبناء على هذا خطّأ عنوان البحث المناقَش (الموازنة بين الإيضاح والجمل) وقال هذا لا يصح حتى تقول: (الموازنة بين الإيضاح وبين الجمل).

وقد وجدت بالدليل القاطع أن العنوان صحيح وهو الكثير المستمر في اللغة، وأن تكرار (بين) مع المعطوف إذا كان هو والمعطوف عليه اسمين ظاهرين هو القليل، ولم يستعمل في القرآن.

ففي القرآن: قال تعالى: (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) (البقرة102) عطف الزوج على المرء بدون تكرار (بين).

وقال تعالى: (وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ) (البقرة164) عطفت الأرض على السماء بدون تكرار (بين).

وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ) (النساء150) عطف الرسل على لفظ الجلالة بدون تكرار (بين)

وقال تعالى: (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) (الأنفال24) عطف القلب على المرء بدون تكرار (بين).

وقال تعالى: (نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً) (النحل66) عطف الدم على الفرث بدون تكرار (بين).

وقال تعالى: (يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَائِبِ) عطف الترائب على الصلب بدون تكرار (بين)

وفي الحديث: (فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ) عطفت الزكاة على الصلاة بدون تكرار (بين)

وفيه أيضا: (فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى عَرْشٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) والحديث عن جبريل، عطفت الأرض على السماء بدون تكرار (بين) وغير ذلك كثير.

وفي الأمثال: َنْتَ بَيْنَ كَبِدِي وَخِلْبِي. َوبيْنَ الرَّغِيفِ وَجَاحِمِ التَّنُّورِ. وتَكَلَّمَ فَجَمَعَ بَيْنَ الأَرْوَى وَالنَّعَامِ. ولاَ تَدْخُلْ بَيْنَ العَصَا وَلِحَائِهَا

في كل ذلك لم تكرر (بين) مع المعطوف. وغير ذلك كثير.

وفي الأشعار:

من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس

فَتَرَكْتُهُمْ تَقِصُ الرِّمَاحُ ظُهُورَهُمْ ... مِنْ بَيْنِ مُنْعَفِرٍ وَآخَرَ مُسْنَدِ

إذَا نحْنُ سِرْنَا بَيْنَ شَرْقٍ وَمَغرِبٍ ... تَحرَّكَ يَقْظانُ التُّرَابِ وَنَائِمُهْ

وَلَكِنَّ الْبُعُوثَ جَنتْ عَلَيْنا ... فَصِرْنَا بَيْنَ تَطْويحٍ وَغُرْمِ

(فأنْتَ مِنَ الأَمرِ الَّذِي كانَ بَيْنَنا ... بِمَنْزِلةٍ بَينَ الْخِيانَةِ وَالإِثْمِ

سَلِي الطَّارِقَ المُعْتَرَّ يَا أُمَّ مَالِك ... إذا مَا أتانِيَ بَين قِدْرِي وَمَجْزَرى

ألاَ تَرَينَ وَقدْ قطَّعْتنِي عَذَلاً ... مَاذا مِنَ البُعْدِ بَينَ البُخلِ والْجُودِ

في كل ذلك لم تكرر (بين) مع المعطوف. وغير ذلك كثير.

ويجوز تكرار (بين) تأكيدا، وهو ليس بالكثير:

ففي الحديث: إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ

وفي الشعر:

وَلَكنْ قَدْ أتَى مَنْ بَيْنَ وُدِّي ... وَبَيْنَ فُؤَادِهِ غَلقُ الرِّتَاجِ

وفي المثل: بَيْنَ جَبْهَتِهِ وَبَيْنَ الأرْضِ جِنَايَةٌ.

فإن أضيفت (بين) للضمير وجب تكرارها مع المعطوف إن كان المعطوف ضميرا أو اسما ظاهرا، وهذا ليس مقصورا على (بين) فكل اسم أضيف إلى ضمير وأريدَ العطف على الضمير المجرور وجب إعادة المضاف، فتقول: بيني وبينك، وأمامي وأمامك، وكتابي وكتابك، أو بيني وبين زيد، وهذا كتابي وكتاب زيد، فهذا يندرج تحت حكم القاعدة المشهورة: لا يجوز العطف على الضمير المجرور بدون إعادة الجار.

فالخلاصة أن (بين) لا تجوز إضافتها إلا إلى اثنين فصاعدا أو إلى مفرد في اللفظ مثنى أو جمع في المعنى كقوله تعالى (لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ) وقوله سبحانه (لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} البقرة136، فإن أضيفت إلى المفرد والمفرد اسم ظاهر وجب أن يعطف عليه بالواو ما يجعله بحكم الاثنين أو أكثر بدون تكرار (بين) مع المعطوف مثل الشواهد التي مرت، أو بتكرارها، وإن أضيفت إلى ضمير مفرد وجب العطف عليه بما يجعله بحكم الاثنين أو أكثر مع تكرار (بين) مثل قوله تعالى:

(وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً) الإسراء45.

وإن أضيفت (بين) لضمير الاثنين أو الجمع جاز من دون عطف كقوله تعالى: (فأصلحوا بينهما) وجاز العطف بحسب المعنى المراد مع وجوب تكرار (بين). كقوله تعالى: {عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} الممتحنة7.

والله أسأل أن يتقبل هذا العمل، وأستغفره سبحانه من الخطأ والزلل.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير