تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والتاريخ حكم عدل: فهو يشهد لدين الإسلام بالصحة، إذ لم يتربع المسلمون على عرش الدنيا إلا برسم لا إله إلا الله محمد رسول الله، فلم تثبت في أيديهم راية إلا تلك الراية، فلا يكون تمكين إلا برسم الإسلام، فإذا ما نبذوه وراء ظهورهم، كما هو حال واقعنا المعاصر، داست عليهم أمم الشرق والغرب بنعالها، مصداق حديث ثوبان، رضي الله عنه، عند أبي داود، رحمه الله، في "السنن": (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا فَقَالَ قَائِلٌ وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ قَالَ بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ فَقَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ قَالَ حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ)، وما نحن فيه اليوم من ترجمة عملية لهذا الحديث دليل آخر من أدلة النبوة الخاتمة.

وتفسير التاريخ، كما ذكر ابن تيمية، رحمه الله، في معرض رصده لأطوار انتشار وانحسار دين الإسلام، تفسير التاريخ تفسيرا صحيحا لا يكون إلا من منطلق عقدي، إذ العقيدة هي الباعث على تجشم الأهوال وركوب المخاطر انتصارا لها، والحروب الدينية، بغض النظر عن صحة أديان من يخوضها، هي أشرس الحروب، واعتبر بالحروب الصليبية التي جيشت فيها الجيوش، وشارك فيها الألوف، حتى شاركت الزواني فيها، فكن يتطوعن بأعراضهن ترفيها عن جند الصليب، فلم يجدن إلا فروجهن ليجاهدن بها!!!!، واعتبر بسقوط دولة الإسلام في الأندلس وما لقيه المسلمون بل واليهود من أبشع أنواع القهر الديني على أيدي محققي محاكم التفتيش الكاثوليكية التي ارتكبت ما ارتكبت من الفظائع برسم الصليب إذ كثلكة الجزيرة الأيبيرية ولو بحد السيف: واجب مقدس!!!، واعتبر بحرب البلقان، وقد كان الذبح والهتك فيها باسم الدين، بل صار قربان الجنة دم المسلم، بل تعدى ذلك إلى أتباع الدين الواحد، لاختلاف المذهب، فسام الصرب الكروات سوء العذاب، وإن وجد الكروات الكاثوليك من يمد لهم يد العون من أبناء جلدتهم من الأوروبيين بخلاف المسلمين الذين لا بواكي لهم.

وقل مثل ذلك في الحرب الدينية المذهبية التي درات رحاها في العراق الحبيب، فذبح أهل السنة برسم الانتصار للصليب الذي رسم على مصاحف المسلمين تارة، وبرسم الثأر لآل البيت، رضي الله عنهم، تارة أخرى، في حلقة حديدة من حلقات سلسلة المظلومية التاريخية!!!.

واعتبر بحال أمة: "يهود": الأمة الغضبية التي استطالت على الموحدين برسم الحق التاريخي في أرض الميعاد، فلم تجد الصهيونية "ليفني" دعاية خيرا من تلك الدعاية لتروج بها بضاعتها الكاسدة بين بني جلدتها.

ومقالة أبي حفص، رضي الله عنه، وهي عند الحاكم، رحمه الله، في "المستدرك": (إنا قوم أعزنا الله بالإسلام، فلن نبتغي العزة بغيره)، أصل في هذا الباب، فهي بمنزلة الحكم الذي يدور مع علته وجودا وعدما، فمتى كان الانتصار للدين، كان العز والتمكين، مصداق قوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) ومتى كان الانتصار لغيره كانت الذلة والمهانة.

يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير