تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقل مثل ذلك في واقعنا المعاصر، فأهل الملل الأخرى يدخلون في دين الأمة المغلوبة أفواجا، واعتبر بحال نصارى مصر، والمسلمون فيها من أشد الناس تنفيرا عن دين الله، عز وجل، بأخلاقهم، فضلا عن تردي أحوالهم المادية، فلا يملكون أي إغراء مادي أو معنوي، فضلا عما يلاقيه إخواننا المستضعفون من اضطهاد كنسي في ظل ضعف السلطات المصرية وتخاذلها عن حماية المستضعفين ولو من باب: الحفاظ على حقوق المواطنة في الدولة المدنية التي يتشدق بها العلمانيون أدعياء الحرية!!!.

وقل مثل ذلك في واقع الأوروبيين المعاصر، وقد كادت بعض حواضرهم تنقلب إسلامية!!!، والكنيسة الكاثوليكية تتوجس خيفة من المد الإسلامي الذي اقتحم حصونها فهي عاجزة عن حماية جبهتها الداخلية مع حرصها الشديد على فتح جبهات خارجية محمومة، فآلة الحرب المدمرة تمهد للجمعيات التنصيرية، فتقتل تلك وتشرد، وتلبس هذه قناع الإنسانية الزائف، فتشتري الأتباع باحتياجاتهم الحيوانية في انتهازية مقيتة، والإسلام بمشروعه الفكري المتكامل المستمد من الوحي المعصوم في مقابل المشروع الفكري النصراني المتهالك، يحقق، كل يوم انتصارات مدوية، مع افتقاره للمقومات المادية التي تتوفر للكنيسة، فليس عندنا تلك الميزانيات الضخمة التي ترصد لشراء الذمم بكسرة خبز أو جرعة دواء أو تأشيرة سفر إلى بلاد العم سام كما يحدث عندنا في مصر!!!.

وبقاء الإسلام إلى يوم الناس هذا، مع ما حيك له من مؤامرات، ودبر له من مكائد، فأهله مستضعفون مشردون في شتى البقاع من ليبيريا ونيجيريا غربا إلى بيت المقدس وأرض الرافدين إلى بلاد الأفغان والهند وكشمير وسيلان وبورما والفلبين وتايلاند وجزر الملوك الإندونيسية شرقا إلى تركستان الشرقية: "سينكيانغ الصينية" وبلاد البلقان والقفقاز شمالا، بل وصل الأمر إلى بلاد المسلمين التي يطارد فيها أهل الدين مداهنة للغرب النصراني!!، بقاؤه مع كل ذلك أمارة من أمارات صدق رسالة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهو باق على أصوله الأولى لم تنله أيدي التحريف، بل هو في ظهور مستمر، على بقية الملل، مصداق قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ).

يقول ابن تيمية، رحمه الله، في معرض تعليقه على قول هرقل في حديث أبي سفيان، رضي الله عنه: "وسألتكم هل يرتد أحد منهم عن دينه سخطة له بعد أن يدخل فيه فقلتم لا وكذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب لا يسخطه أحد"، يقول:

"فسألهم عن زيادة أتباعه ودوامهم على اتباعه فأخبروه أنهم يزيدون ويدومون وهذا من علامات الصدق والحق فإن الكذب والباطل لا بد أن ينكشف في آخر الأمر فيرجع عنه أصحابه ويمتنع عنه من لم يدخل فيه.

ولهذا أخبرت الأنبياء المتقدمون أن المتنبىء الكذاب لا يدوم إلا مدة يسيرة وهذه من بعض حجج ملوك النصارى الذين يقال إنهم من ولد قيصر هذا أو غيرهم حيث رأى رجلا يسب النبي صلى الله عليه وسلم من رؤس النصارى ويرميه بالكذب فجمع علماء النصارى وسألهم عن المتنبىء الكذاب كم تبقى نبوته؟ فأخبروه بما عندهم من النقل عن الأنبياء: إن الكذاب المفتري لا يبقى إلا كذا وكذا سنة لمدة قريبة إما ثلاثين سنة أو نحوها فقال لهم: هذا دين محمد له أكثر من خمسمائة سنة أو ستمائة سنة وهو ظاهر مقبول متبوع فكيف يكون هذا كذابا ثم ضرب عنق ذلك الرجل"

شرح العقيدة الأصفهانية، ص245، 264.

فحكمة الله، عز وجل، ورحمته بخلقه لا تكون ببقاء دين باطل، كما يزعم خصوم الإسلام، بل وظهوره على بقية الملل، وفشل كل مؤامرات أعدائه في القضاء عليه، فيدع الله، عز وجل، من يزعم خصومه أنه كاذب، يدعه ليكذب عليه، ويضرب الذل والصغار على من خالف أمره، وهو كاذب في حقيقة الأمر، إن لازم هذه المقالة المتهافتة بطلان حجة الله، عز وجل، على خلقه، إذ أيد الكاذب وخذل الصادق، فانتصر الإسلام المزيف!!! على كل أعدائه الصادقين!!!!.

يقول ابن تيمية رحمه الله:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير