تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وعلى الجبهة الشرقية: توقف المد الإسلامي العثماني على أبواب "فيينا" بخيانة أهل البدعة من الصفويين الذين طعنوا دولة الخلافة في ظهرها فتآمروا مع عباد الصليب، تماما كما فعلوا بعد أحداث 11 سبتمبر، باعتراف رؤوسهم كرافسنجاني ومحمد علي أبطحي، فكان لهم دور بارز في سقوط الإمارة الإسلامية في بلاد الأفغان وسقوط العراق التي كانت على طريق الصحوة فبادرت قوى الشر من أعداء الملة وأعداء النحلة إلى ضربها، وقد وصلت الرسالة النصرانية إلى الشرق المسلم، كما يقول أحد الفضلاء عندنا، فإن رفع راية الإسلام عموما، والسنة خصوصا، كفيل بأن يأتي حلف شمال الأطلنطي بحده وحديده لإبادة أي حركة إصلاحية ترفع راية الجهاد على طريق استعادة المجد التليد، واعتبر بما جرى في بلاد الأفغان والعراق، وغزة أخيرا، وقد كانت التجربة الغزية الناجحة في إدارة القطاع في ظروف عصيبة لشهور طويلة مصدر قلق ليهود وأحلافهم من النصارى، وأذنابهم من العلمانيين والمستغربين والمتصهينين الذين بدت البغضاء من أفواههم فقالوها صراحة: لا لإمارة إسلامية مجاورة!!!، فالإسلام هو العدو المشترك بين تلك الجموع التي تحسبها جميعا وقلوبها شتى.

وانظر إلى ما تصنعه المؤسسات التنصيرية التي يأتي دورها بعد انتهاء دور الآلة العسكرية المدمرة فتلبس مسوح الرحمة لتشتري الأتباع بكسرة الخبز وزجاجة الدواء في انتهازية مقيتة تُسْتَغَلُ فيها حاجات الإنسان الجسدية لشراء قيمه الروحية.

وانظر، على سبيل المثال، إلى نشاط النصارى المحموم الآن في مصر عن طريق جمعياتهم الإنسانية!!!، في ظل غياب المؤسسات الإسلامية تخاذلا تارة وتضييقا تارة أخرى، وقد سقط قناع: "الوحدة الوطنية" الزائف، وظهر الحقد القديم الذي توارثه القوم من لدن الفتح العُمَري العَمْري لأرض الكنانة وإلى يوم الناس هذا، فأحسن القوم كغيرهم من الانتهازيين استغلال 11 سبتمبر الحدث المفصلي الأبرز في السنوات الماضية، إذ حوصر الإسلام في خانة الإرهاب، فتمدد الباطل وتشوفت نفسه إلى أرض جديدة، على طريقة: "إن غاب القط إلعب يا فار" كما يقال عندنا في مصر، فالقط قد استأنس من زمان طويل فنزعت أظفاره ومخالبه!!!، فضلا عن الظروف الاجتماعية المتردية في مصر، فأهل العلم مغيبون، وأهل الباطل ممكنون، والفقر قد ضرب بجرانه، وإذا اجتمع الجهل والفقر فهنيئا لأهل الباطل.

إذا نظرت إلى كل ذلك تأكد لديك أن الصراع: صراع حضارت وأفكار، وأن خدعة التقريب بين الأديان الإبراهيمية كما يزعمون، وما هو إلا دين واحد، دين الحنيفية السمحة، ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين، فالأنبياء إخوة لعلات، وخدعة التقريب بين المذاهب الإسلامية من اسمهما: خدعة لم تنطل إلا على أهل الحق، فلم يتزحزح أهل الباطل عن باطلهم قيد أنملة ففي أحد أكبر وأخطر مؤتمرات الكنائس الغربية والذي انعقد في كولورادوا بأمريكا عام: 1978م أرجع المؤتمرون هذا العداء الغربي المحموم للإسلام إلى ما رآه وأسماه بـ: "الطبيعة الإسلامية المناقضة للنصرانية" كما فهمتها الكنائس الغربية، إذ لا تناقض، كما تقدم، بين نصرانية المسيح عليه السلام وإسلام محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهما من مشكاة التوحيد خرجا، فقالت مقررات هذا المؤتمر: "إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي تناقض مصادره الأصلية أسس النصرانية .............. وإن النظام الإسلامي هو أكثر النظم الدينية المتناسقة اجتماعيا وسياسيا، (فهو: دين كامل جمع بين العقائد والشرائع، والسياسات والشعائر) ....... إنه حركة دينية معادية للنصرانية مخططة تخطيطا يفوق قدرة البشر، (فهو وحي الرحمن وإن رغمت أنوفهم) ......... ولا بد من مئات المراكز التي تؤسس حول العالم بواسطة النصارى، للتركيز على الإسلام لفهمه، والتعامل معه، واختراقه في صدق ودهاء". اهـ بتصرف.

بتصرف من: "التطاول الغربي على الثوابت الإسلامية"، ص25، 26.

فتخفيض التمثيل الدبلوماسي النصراني من درجة: "حوار أديان" والاكتفاء بـ: "حوار ثقافات" مئنة من عقد قلب بيندكت الكاثوليكي المتعصب في مقابل تمثيل إسلامي ساذج يتولاه أناس أغلبهم من المثقفين غير المتخصصين، بل بعضهم أقرب إلى معسكر العدو من معسكرنا، ومن شارك في تلك المسرحية من الأفاضل حسني النية تراجع كثير منهم عن الاستمرار في تلك المهزلة، سواء على مستوى التقريب بين الأديان أو التقريب بين المذاهب.

وقد صار سقف طموح بعض الأفاضل كما حكى على فضائية الجزيرة يوما ما، وهو ممن خاض تجربة حوار الأديان الفاشلة: صار سقف طموحهم: أن ينتزعوا اعترافا من عباد الصليب بكون الإسلام دينا سماويا إبراهيميا لا مذهبا وضعيا أرضيا، فأي إعطاء للدنية أعظم من ذلك، وكيف استجاز أهل التوحيد استجداء أهل التثليث ليحظوا باعتراف باباوات روما الذين ألبوا العالم القديم على الشرق المسلم؟!!!.

ومرة أخرى: كانت أحداث 11 سبتمبر هي سبب سقوط أقنعة كثيرة فقد عجلت، بقدر الله، عز وجل، من الحملة الصليبية الجديدة على الشرق المسلم، فقد أعد لها من زمن طويل، ولم يبق إلا أن يوجد مبرر لشنها، وكان ذلك: 11 سبتمبر، ولو لم تقع تلك الأحداث، فإن القوم لم يكونوا ليعجزوا عن إيجاد مبرر آخر، والله أعلم.

والحق واحد لا يتعدد، ولو داهن أصحابه وتطاول أعداؤه. فليرح أصحاب الموائد الفكرية والاستراتيجية أنفسهم، فليس الصراع دائرا على موائدهم الدبلوماسية الباردة، ولن يقف العلمانيون في وجه ليفني التي تصدر حملتها الانتخابية بحق يهود التاريخي في دولة يهودية قومية على أرض الميعاد.

والله أعلى وأعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير