ولعل من أسباب صدور كتاب هنتنجتون الأخير ما ألفه البروفيسور "مايكل سيلز" بعنوان: "الاقتراب من القرآن: التنزلات الأولى" حيث قدم الكاتب ترجمة أمينة لخمس وثلاثين سورة مكية إلى الإنجليزية وغدا كتابه مقررا ضمن مادة الإرشاد الثقافي بجامعة كارولينا الشمالية لطلبة السنة الأولى.
وهنا قامت العاصفة مدوية، فصرح أحد زعمائهم وهو: "سام إيليز" عضو مجلس النواب قائلا: "إن مواطني الولاية لا يريدون لأبنائهم الطلاب الجامعيين أن يقرءوا هذا الشر الذي قررته عليهم الجامعة كمادة إجبارية"، وتحدث السياسي "بيل أوريلي" قائلا: (إن القرآن كتاب أعدائنا الدينيين، وهو شبيه بكتاب: "كفاحي" لهتلر، فكيف نسمح بتدريسه لطلابنا الجامعيين) "
بتصرف من: "التطاول الغربي على الثوابت الإسلامية"، ص36.
ولعل ذلك السياسي ممن كونت عقله الجمعي آلة الدعاية اليهودية، فلم يكلف نفسه، هو الآخر، مطالعة تعاليم الإسلام من مصادره الأصلية.
ومن أبرز مظاهر تطرف ذلك العقل الإنجيلي الأصولي وأخطرها في نفس الوقت:
تدخله السافر في تكوين العقل الجمعي الإسلامي، فلم يكتف بتشويه الإسلام في عقول أتباع الكنيسة، بل سولت له نفسه التدخل في أدق تفاصيل المناهج في المؤسسات التعليمية في العالم الإسلامي، بما فيها مؤسسات التعليم الديني، والتهميش الكبير للمقررات الدينية في مراحل التعليم الأساسي في دولة كمصر التي لا يهتم الطالب فيها بمادة الدين لأنها "مش داخلة في المجموع"!!!.
وعلى الجانب الآخر: التدني الملحوظ في مستوى المناهج الدينية الأزهرية التي غلب عليها السطحية إذ استبدلت كتب التراث ذات المادة العلمية الغزيرة بكتب لمؤلفين معاصرين تتميز بمادة علمية فقيرة، فضلا عن ركاكة الأسلوب، بدعوى التجديد والتيسير، وهو في حقيقته تخريب للمؤسسة الدينية الرسمية تشرف عليه بكفاءة منقطعة النظير: القيادات الضعيفة التي تتولى أمر الأزهر الآن، ذلك التهميش خير شاهد على ذلك.
وقد منحت باكستان 100 مليون دولار لمحاربة التطرف الديني في مدارسها الإسلامية!!، ويوم منح جنرال باكستان المخلوع تلك الهبة الأمريكية ظهرت في جرية الأهرام في اليوم التالي صورة معبرة!!! لمدرس باكستاني في إحدى المدارس الدينية الباكستانية، وهي مدارس عريقة كما قد تواتر من أخبارها، ظهر، وهو يلقي درسا في اللغة الإنجليزية، في مشهد يرمز إلى بداية تطوير!!! المؤسسات التعليمية الدينية الباكستانية، تماما كما أصدر الزعيم الملهم!!! عندنا في مصر قرار تطوير الأزهر في ستينيات القرن الماضي، فاقتحمت العلوم التجريبية حصن الأزهر، ولا عيب في دراستها بل إن ذلك من الفروض الكفائية بل والعينية أحيانا على الأمة، وإنما العيب أن تدرس في غير مكانها، فكان أن تكالب طلاب الأزهر المتفوقين على الكليات العلمية في مقابل عزوف كامل عن الكليات الشرعية التي تدرس علوم الملة، التي ما فتح الأزهر بعد استرداد أهل السنة مصر من قبضة بني عبيد إلا لنشرها، ففقد الأزهر بذلك القرار الظالم رسالته، والسيناريو قد تكرر، ويتكرر الآن في كثير من بلاد العالم الإسلامي تحت اسم: "التطوير"، كما تقدم، والدول الإسلامية المحافظة تتعرض لضغوط كبيرة لتغير مناهجها إذ هي، بزعم أمريكا، سبب وقوع أحداث 11 سبتمبر، وهي الدعوى التي لاقت رواجا كبيرا لدى قطاعات من: "الليبراليين"، أو "المارينز العرب" كما يطلق البعض عليهم.
ومن مظاهر هذه الحملة الصليبية الثقافية على العقل الإسلامي:
رعاية وتكريم أصحاب الأفكار الهدامة ممن ينتسبون إلى أمة الإسلام كـ: "سلمان رشدي"، و: "نصر أبو زيد"، ومؤخرا سافرت، وإن شئت الدقة فرت: "نوال السعداوي إلى أمريكا لتنال جائزة أدبية عن رواية صورت فيها الله، عز وجل، زعيم الأغلبية البرلمانية، في مقابل إبليس: زعيم الأقلية الذي يوجه انتقادات محرجة للأغلبية كما يحدث تحت قبة البرلمان!!!، ولا عجب أن تكرم أمريكا صاحبة فكر إلحادي كهذا.
ومن مظاهره السافرة:
طباعة مصحف جديد على الطريقة الأمريكية: مصحف ينشر المحبة والسلام بين المسلمين، حذفت منه كل مظاهر التطرف الديني، فآيات الولاء والبراء، وآيات السيف ........... إلخ، تم حذفها تطويرا للعقل الجمعي الإسلامي المتخلف!!!!.
¥