تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وعندما كانت المقصلة دائبة العمل كان الضحايا يقدمون على مذبحها بحجة واحدة هي أنهم من أعداء "الشعب" مع أنه كان بينهم من يعرف الشعب براءته، ودهش الشعب حين كان يرى من يقرأ بيان القتل اليوم باسم الشعب يقدم هو نفسه غدا إلى المقصلة باسم الشعب أيضاً. إذن ما وراء هذه التطورات المفاجئة والتدبيرات الغربية؟، (وهي تطورات شهدتها معظم الانقلابات العسكرية كانقلاب 52 في مصر، إذ تمت تصفية الأتباع أولا بأول بعد انتهاء مهامهم، تحت شعار: "التصحيح"، وما هو إلا استبدال للحرس القديم ذي الولاء العتيق بحرس جديد لا زال ولائه غضا طريا، لا يلبث هو الآخر أن يصيبه اليبس، فيلقى في سلة المهملات ليحل محله جيل جديد وهكذا دواليك).

يدعى اليهود في تبجح وغرور أنهم صناع الثورة الفرنسية ومدبروها فتقول البروتوكولات: "تذكروا الثورة الفرنسية التي نسميها "الكبرى" إن أسرار تنظيمها التمهيدي معروفة لنا جيداً لأنها من صنع أيدينا". وتقول: "كذلك كنا قديماً أول من صاح في الناس "الحرية والمساواة والإخاء" كلمات ما انفكت ترددها منذ ذلك الحين ببغاوات جاهلة متجمهرة من كل مكان حول هذه الشعائر" ................. واستطاع اليهود أن يتغلغلوا في منظمات الثورة المختلفة كالجمعية التأسيسية ونادي اليعاقبة وبلدية باريس، وأن ينفثوا تلك الشعارات التي رددتها الجماهير ببلاهة لا سيما شعار الثورة البارز: "الحرية والإخاء والمساواة" هذا الشعار الذي قامت عليه الثورة وحققته كان له عند اليهود تفسير آخر:

فهم يقصدون بالحرية تحطيم القيود الأخلاقية والتقاليد الموروثة التي تحول بينهم وبين إفساد الأمم وتدميرها. ويقصدون بالإخاء والمساواة كسر الحواجز النفسية والاجتماعية التي تحول بينهم وبين الانسلال إلى أجهزة الدولة وتنظيماتها، وإذابة الفوارق الدينية بينهم وبين غيرهم كى تزول عنهم وصمة الاحتقار والمهانة.

وهكذا نجحوا في تحويل الثورة من ثورة على مظالم رجال الدين إلى ثورة على الدين نفسه وجعلوا لفظة الدين عند الشعوب الأوروبية مرادفة للظلم والرجعية والتخلف والاستبداد". اهـ

بتصرف من: "العلمانية"، ص173_176.

وهي نفس الشعارات التي انبثقت منها: شعارات: "احترام الآخر" المعاصرة، فهجرت الأسماء والأحكام الشرعية من: مؤمن وكافر ومنافق وفاسق احتراما لمشاعر الآخر!!!، وهي نفس الشعارات التي رسخت في أذهان أجيال متعاقبة نشأت على بغض الإسلام، أو تهميشه، فلا مكان له في السياسة أو الجيش أو الإعلام أو ........... إلخ، وإنما مكانه الوحيد في المسجد مقصورا على الشعائر التعبدية ذات الطابع الفردي، معزولا عن قيادة الحياة العامة، ولا ينكر من له حظ في الإسلام وجوب الشعائر ودورها في تأسيس الفرد: اللبنة الأولى في الجماعة المسلمة، ولكن قصر الدين عليها تعطيل له عن وظيفة رئيسة: وظيفة قيادة البشرية وفق شرع الباري عز وجل. وتأمل حال الجيش المصري على سبيل المثال في حرب 48، ولم يكن على جانب كبير من التدين، ولكنه كان في الجملة معظما لشعائر الله، ولذلك لم يجد غضاضة في إشراك أبناء الحركة الإسلامية الإصلاحية التي أسسها الشيخ حسن البنا، رحمه الله، في القتال إلى جواره، بخلاف حال الجيش بعد الثورة التي أقصت الكفاءات، فاستبدلت الصعاليك بالضباط الأكفاء، فنشأ جيل متهتك يبغض الإسلام وتعاليمه، بل ويسخر منها فلا تقام فيهم صلاة، ولا يرجون لله وقارا، حتى كانت هزيمة 67 جزاء وفاقا، فعادت الأمة المصرية إلى الله، عز وجل، بعض الشيء، فحققت نوع انتصار في 73 فرطت فيه القيادة السياسية في تخاذل غريب.

وكالعادة كان اليهود وراء كل فساد ديني وأخلاقي، فأفسد بولس أولا، ثم جاء اليهود ليستأصلوا البقية الباقية من دين أوروبا، واليهود كما عهدناهم دائما: مادة فساد الأديان والأبدان.

وهكذا انتقلت أوروبا تدريجيا من دين محرف إلا لا دين بتدرج بطيء، ولكنه: أكيد المفعول.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير