أرشيف منتدى الفصيح - 1

مما يتنافى مع طبيعتها الهادئة، أو التي يفترض أن تكون كذلك!!!، ودعوى تخصيص الحديث بامرأة بعينها: ابنة كسرى التي تولت حكم فارس، تخصيص بلا مخصص فيه إهدار للنصوص، إذ العبرة بعموم ألفاظها لا بخصوص ألفاظها فلا يخصص العام بسبب وروده، وهو قبل أن يضاد فطرة الأنثى الرقيقة مما يضاد النصوص الشرعية التي منحت الرجل القوامة، فهو مفضل على المرأة تفضيل جنس على جنس، فجنس الرجال خير من جنس النساء، وإن كان من أفراد النساء من تزن أمة من الرجال، ولكن لا يمكن أن تفضل امرأة كل رجال زمانها، إذ الوظائف القيادية، وعلى رأسها النبوة، أشرف الوظائف الإنسانية مما اختص به الرجال، وأدنى الأنبياء عليهم السلام منزلة، وكلهم من ذوي الرتب العالية، أدناهم منزلة خير من كل الأولياء كما نص أهل العلم، فهو من باب أولى: خير من كل النساء مهما أوتين من صلاح وتقوى، والأمر يشبه إلى حد كبير: تفضيل العرب على غيرهم من الأمم فهو تفضيل جنس لا أفراد إذ لولا ذلك لما شرفوا ببعث خاتم الرسل عليه الصلاة والسلام منهم، ولا يعني ذلك بالضرورة أن كل عربي خير من كل عجمي، بل قد يزن العجمي بتقواه أمة من العرب، وقوامة الرجل: ليست تكليفا فقط كما يزعم البعض بل هي تشريف لجنسه على التفصيل المتقدم، فقد عللت في قوله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)، بأمرين كما يقول أهل العلم: أمر وهبي: (بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ)، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، و: كسبي وهو: (وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)، فسعت نساء زماننا إلى تضخيم الجانب الكسبي على حساب الجانب الوهبي، إذ الكسبي مما يمكن تحصيله، فسعين في مزاحمة الرجل فيه ولسان حالهن: ونحن أيضا قادرات على الكسب بل كسبنا أنفع من كسبك، وهو واقع مشاهد في كثير من الأسر التي استولت فيها المرأة على مقاليد الأمور.

والإشكالية في هذه النازلة الاجتماعية هي الإشكالية في النازلة العلمانية التي سرت إلينا من أوروبا:

إشكالية التقليد الأعمى دون نظر إلى الفوارق الدينية والاجتماعية بين الشرق والغرب:

فالغرب كان يرزح تحت نير الكنيسة التي حرفت الدين المنزل، وتحالفت مع الإقطاع الظالم في المجتمعات الزراعية الأوروبية في القرون الوسطى، فأقرت ظلمه وأيدته، وأقر انحرافها وسكت عنه، فكرهت الشعوب ذلك الطغيان المزدوج، ولكنهم كانوا كأي مجتمع زراعي محافظ: يعظمون الدين، ولو كان تعظيمهم له عند التحقيق صليبية مقيتة استغلتها الكنيسة في حشد الجيوش لغزو الشرق المسلم، ويقدرون العرض فله مكانة عالية في المجتمعات المحافظة التي تستنكر أشد الاستنكار جرائم الشرف، ويحرصون على إقامة حياة زوجية مستقرة، فالزواج المبكر يقطع دابر الفتنة، والمرأة تعمل في بيت زوجها وتساعده في زراعة الأرض في ظل قيود أخلاقية فرضتها البيئة الزراعية المحافظة، ولم يرق ذلك الاستقرار الأخلاقي لليهود الذين كانوا، كما جرت عليهم السنة الكونية، أذلة منبوذين، مصداق قوله تعالى: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ)، فكانوا يحترفون تجارة البغاء إفسادا للأخلاق، وكان منظروهم يضعون النظريات التي أفسدت المجتمع الأوروبي، فماركس يضع النظريات الاقتصادية، وفرويد يضع النظريات الأخلاقية، ودوركاييم يضع النظريات الاجتماعية، والهدف: القضاء على البقية الباقية من دين أوروبا، ولو كان دينا محرفا، بالقضاء على الكنيسة التي سامتهم محاكم تفتيشها سوء العذاب، والقضاء على أخلاقها، باحتراف الدعارة، فهم تجارها في كل عصر ومصر، والقضاء على اقتصادها بإشاعة الربا الذي ملكوا به زمام الاقتصاد العالمي إلى يوم الناس هذا، فضلا عن آلة إعلامية ضخمة توجه الرأي العام وتصنع العقل الجمعي الذي يستحسن ما استحسنوه ولو كان في غاية القبح، وأبرز مثال عملي على تلك المؤامرة اليهودية على أوروبا: الثورة الفرنسية التي جاءت بشعارات: هدمت الأخلاق باسم الحرية، وهدمت الأديان باسم

¥