تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ما حكاه لي أحد الفضلاء عندنا وهو يعمل في إدارة أحد المخابز، التي تعمل فيها بعض الفتيات من قرية مجاورة لمدينتنا يتكلفن كل يوم السفر من القرية إلى المدينة ليعملن بجوار الرجال عملا بدنيا شاقا فضلا عن كونهن من يذهب لشراء احتياجات المخبز من الخمائر ونحوه، وكل ذلك في مقابل: خمسة جنيهات في اليوم!!، ينفقن منها في المواصلات والطعام خلال يوم العمل نحو ثلاثة جنيهات ونصف، إن لم تخني الذاكرة، فتكون حصيلة هذا اليوم المضني الذي يحمل بعضهن أحيانا على البكاء من مشقة العمل: جنيها ونصف!، وهكذا تحولت القرية المصرية المنتجة إلى قرية طاردة لأبنائها وبناتها، وذلك أحد مظاهر "تخدير مصر" لئلا تستقل بغذائها فقرارها السياسي في يد من يمدها بالقمح لا في يدها، فقد عجزت قرانا عن تحقيق الاكتفاء الذاتي، وصار أبناؤها تحت ضغط الحاجة المادية الملحة يتسولون العمل في المدينة، وأي فائدة، ولو دنيوية عاجلة، تحمل فتاة على تكبد مشاق السفر يوميا من أجل جنيه ونصف، ولو نظرنا إلى ذلك نظرة شرعية لوجدنا كما هائلا من المصالح الشرعية المهدرة في مقابل مصلحة متوهمة، والإشكال أن الفساد في هذه الصور متعد: فبقدر ما تهدر الفتاة بذلك من دينها وحيائها وهو فساد لازم لذاتها غير متعد، بقدر ما تفسد من حولها، فمجرد وجودها بين الرجال واحتكاكها بهم: إفساد متعد إليهم، بل بعضهن، كما يحكي لي ذلك الأخ الفاضل يتعمد ذلك لاصطياد زوج يكفيها مؤنة تلك الحياة الشاقة!!.

&&&&&

وأحد المهندسين الفضلاء عندنا في مصر يحكي عن زيارة لمجلس المدينة: (وهي مؤسسة تعد بحق صرحا من صروح البيروقراطية في مصر فهي تكاد تكون متخصصة، بقدر الله عز وجل الكوني، في إيقاب المراكب السائرة كما يقال عندنا في مصر)، يحكي لي عن تلك الزيارة التي افتقد فيها المواطنون مجموعة من الموظفات فبحثوا عنهن في غرف المبنى فعثروا عليهن وقد عقدن اجتماعا مغلقا! اعتلت فيه إحداهن أحد المكاتب لتؤدي وصلة من الرقص الشرقي واكتفت الأخريات بالتصفيق والتطبيل.

وفي مجلس مدينتنا: قاعات لا تكاد تجد فيها موظفا واحدا، بل صفوف من المكاتب النسائية، في بطالة مقنعة، إذ لا عمل لهن سوى الكلام والإعداد الأولي للطعام من باب استغلال أوقات الفراغ!، فلا مانع من شراء الخبز وشراء الخضروات وتجهيزها قبل الرجوع إلى المنزل.

&&&&&

وأحد إخواني الكرام، ويعمل محاسبا في إحدى شركات الكهرباء، اضطرته الظروف إلى أن يكون الرجل الوحيد في مكتب مكتظ بالنساء لم يخجلن من الحديث عن أسرار العلاقات الزوجية أمامه، فسعى في الانتقال إلى مكتب آخر، وبالفعل انتقل إلى مكتب رجالي، فإذا به أمام مجموعة من الموظفين يفشون ذات الأسرار الزوجية!!!، وهذا، كما تقدم، أثر من آثار الفساد الأخلاقي المتعدي الناجم من الاختلاط المحرم.

&&&&&

وكثير من فتيات مصر لغياب الوظيفة الشرعية الثانية بعد تحقيق العبودية، وظيفة: الزوجية والأمومة، وهي عند التحقيق مندرجة في الوظيفة الشرعية الأساسية، كثير منهن ينزل إلى العمل في المحلات التجارية، في الصيدليات ............. إلخ، تحت ضغط الحاجة فهي تحتاج النقود لتجهيز منزل الزوجية، وبعضهن ينزل من باب تضييع الوقت، وبعض ثالث ينزل ليعرض نفسه في سوق الزواج، بل ترفض كثير من الأمهات ستر بناتهن بالحجاب الشرعي حتى لا يحتجبن عن أعين الخطاب، ولا أدري: أي خير يرتجى من زوج يستجلب بهذه الطريقة، والزوج رزق من الله، عز وجل، يعطيه من شاء فضلا، ويمنعه من شاء عدلا، وفي حديث ابن مسعود، رضي الله عنه، مرفوعا: (وإن الروح الأمين نفث في روعي أنه ليس من نفس تموت حتى تستوفي رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعاصي الله فإنه لا ينال ما عنده إلا بطاعته)، وفي التنزيل: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير