تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد اهتم المسلمون منذ القدم بالمدينة، فأوقفوا لها الأوقاف مثل الأراضي الزراعية، والعقارات في مختلف أنحاء الشام، للإنفاق على الأقصى خاصة وعلى المدينة ومدارسها عامة، وقد بلغ عدد المدارس بالوقف 56 مدرسة، ناهيك عن الأسبلة والأروقة والقباب والصهاريج والزوايا والتكايا والمآذن وغيرها، وقد وصل عدد مساجدها 34 مسجدًا، مما جعلها ذات طابع إسلامي مميز [47].

أما القدس حديثًا: فهي مدينتان: القدس القديمة التي يحيط بها السور الكبير القديم، وفيها كل المقدسات: الصخرة المشرفة، والمسجد الأقصى، وكنيسة القيامة. وهي ما تسمى بالقدس الشرقية التي سقطت تحت الاحتلال الصهيوني في عام 1967م.

والقدس الجديدة: خارج السور القديم، وتتميز بالعمران الحديث، والأحياء الجديدة والشوارع المشجرة، والأبنية الأنيقة، والحدائق المنسقة، وهي ما تسمى بالقدس الغربية التي سقطت في العام 1948م. وقد بنيت لاستيعاب زيادة السكان والهجرات اليهودية المتتابعة.

وهناك تسميات مستحدثة يطلقها الصهاينة على المدينة المقدسة وهي: "القدس الموحدة" للدلالة على القدسين معًا، الشرقية والغربية، ويصرون على أن تكون العاصمة الأبدية لدولة إسرائيل [48]، وهي تعني السيطرة التامة على المقدسات الإسلامية، وعدم قبول أي شكل من أشكال التنازع حول هذه السيادة مستقبلا، وتأكد هذا بقرار من الكنيست الإسرائيلي أن يجعل القدس "أورشليم" عاصمة أبدية للدولة، وفقًا لقناعاتهم الصهيونية المروّجة، وهذه التسمية تقطع الطريق على أي مفاوضات مستقبلية بشأن المدينة، ويتم تسويقها في الخرائط العالمية وفقا لهذه التسمية أو الاكتفاء بلفظة "القدس" فقط.

وهناك ما يسمى "القدس الكبرى" وهي أشد خبثًا، ويقصد بها القدس الموسعة التي يحاول الصهاينة استيعاب العرب المقيمين في القدس حسب نسبتهم القليلة، في ضوء الأغلبية اليهودية في المدينة "الشرقية"، كما يستهدف مشروع القدس الكبرى تطويق الأحياء العربية في المدينة القديمة وفصلها عن الأحياء العربية خارج السور مما يسبب صعوبة كبيرة للسكان تدفعهم إلى الهجرة خارج مدينتهم [49]. كما أن لهذه التسمية بعدًا آخر يتصل بالمفاوضات الجارية بين العرب والصهاينة، إذ يقترح اليهود أن يتم إنشاء قدس جديدة في منطقة جبلية، متاخمة للقدس، وتقع ضمن القدس الكبرى، ويمكن أن تكون عاصمة للدولة الفلسطينية المزعومة، على أن تكون بمنأى عن المقدسات الإسلامية، وعن اليهود المقيمين، وكل ما فيها أنها تحمل تسمية القدس فقط وهكذا تتداخل التسميات لصالح مخطط واضح المعالم.

تطور بناء الأقصى:

ترجع بدايات بناء المسجد الأقصى إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي أمر عند زيارته لبيت المقدس أن يتم بناء مسجد في الحرم القدسي غير بعيد عن موضع الصخرة المشرفة، التي بنيت عليها القبة عام 72هـ / 691م، وقد واصل الوليد بن عبد الملك البناء خلال حكمه 86 - 96هـ / 705 - 714م، وإليه يرجع الفضل في إنشاء المسجد الأقصى في مكانه الحالي ولم يبق من بناء الوليد للأقصى إلا عقود قائمة على أعمدة من الرخام على يمين القبة الصغيرة عند مدخل الأقصى الحالي وفي يساره [50]. وقد وقع زلزال سنة 130هـ / 747 م أثّر بشدة في بناء الأقصى، فأعاد بناءه الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور سنة 140 هـ بعد أن اقتلع الذهب من أبوابه لينفق عليه [51].

ثم يأتي الخليفة العباسي "المهدي" الذي قام بتجديد بنائه، فنقص من طوله وزاد في عرضه، عام 163هـ وهي تجديدات أعطت للمسجد صورته الفخمة الحالية [52].

في مطلع القرن الثالث الهجري، في عهد الخليفة العباسي "عبد الله المأمون"، تهدم الأقصى في زلزال، فقرر المأمون إعادة بنائه، وقد عهد إلى أمراء الأطراف [الأمصار والبلدان الإسلامية] فبنى كل أمير منهم رواقًا خاصًّا به، وتولى مسؤولية البناء عبد الله بن طاهر سنة 210هـ وجاء البناء الجديد مكونا من 26 رواقًا، تشرع كلها من جدار القبلة إلى الصحن، أما أبواب المسجد فكانت سبعة أبواب، أقدمها الباب الأوسط في البناء، وكان الباب الرئيس ملبسا بالنحاس. ثم تعرض الأقصى إلى زلزال سنة 424هـ / 1033م فقامت الخلافة الفاطمية في مصر بإعادة بنائه وتجديده. إلا أن الأقصى تعرض للتخريب في الحروب الصليبية، ولكن بقى الهيكل العام له: السقف والأعمدة، وسبعة أروقة متعامدة على

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير