القبلة، وجوف بيت الصلاة، وقبتان: قبة صغيرة فوق المسجد مباشرة، وقبة أخرى فوق البلاطة المؤدية للمحراب.
وما زال المسجد يحتفظ بهذه الهيئة؛ فقد رُمم وأعيد بناء الكثير من أجزائه أيام الدولة المملوكية، والخلافة العثمانية [53].
وصف الأقصى قديمًا:
يقرر ياقوت الحموي في مصنفه العظيم "معجم البلدان" صفة بناء الأقصى المستقرة وفقًا لما رآه في زمنه؛ فيشير إلى أن المسجد الأقصى يقع في طرف المدينة الشرقي نحو القبلة، وأساسه من عمل داوود -عليه السلام-، وهو طويل عريض، وطوله أكثر من عرضه. وفي القبلة، المصلى الذي يخطب فيه الإمام للجمعة، وهو على غاية الحسن والإحكام مبني على أعمدة الرخام الملونة والفسيفساء التي ليس في الدنيا أحسن منها. وفي وسط صحن هذا الموضع مصطبة عظيمة في ارتفاع نحو خمسة أذرع كبيرة يصعد إليها الناس من عدة مواضع بدرج، وفي وسط هذه المصطبة قبة عظيمة، على أعمدة رخام مسقفة برصاص منمّقة من الخارج والداخل بالفسيفساء مطبقة بالرخام الملون قائم ومسطح، وفي وسط هذا الرخام قبة أخرى وهي قبة الصخرة التي تزار وعلى طرفها أثر قدم النبي صلى الله عليه وسلم وتحتها مغارة ينزل إليها بدرج سلالم من الرخام، ولهذه القبة أربعة أبواب وفي شرقيها برأسها قبة أخرى على أعمدة مكشوفة حسنة مليحة يقولون إنها قبة السلسلة سلسلة النبي داود عليه السلام، ويقال عنها أيضًا قبة المعراج [54].
وطول الحجر في المسجد الأقصى عشرة أذرع وأقل، منقوشة وصلبة، وقد قام الخليفة عبد الملك بن مروان ببناء كبير على الحجر. وقد جاء البناء مؤلفًا من حجارة صغيرة حسنة، ولكن حدث زلزال أيام بني العباس الخلافة العباسية، أسقط الحجر بعيدًا حول المحراب، فأراد الخليفة أن يرده إلى موضعه، ولكن أنبأه من حوله أن هذا صعب جدًّا، لطول الحجر وثقله، فكتب الخليفة العباسي وقتئذ إلى ولاته في الأمصار، وإلى قواده، يأمرهم أن يبني كل واحد منهم رواقًا، فقاموا ببناء أروقة كانت أشد وأحسن صناعة، وبقي الحجر في موضعه.
وللجزء المغطى من المسجد ستة وعشرون بابًا، وفي مشرق هذا الجزء أحد عشر بابًا، وخمسة عشر رواقًا مبنية على أعمدة رخام. وفي مؤخرة المسجد أروقة من الحجارة. ويلاحظ أن سقوف المسجد كلها ملبسة من الرصاص المشقق، والجزء المؤخر من المسجد مرصوف بالفسيفساء الكبار. وصحن المسجد كله مبلط بالحجارة.
وفي وسط رواق المسجد توجد دكة حجرية مربعة يصعد إليها من الجهات الأربع عبر سلالم واسعة المساحة. وفي هذه الدكة أربع قباب: قبة السلسلة وقبة المعراج وقبة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الثلاث الصغار ملبسة بالرصاص على أعمدة مكشوفة، وفي وسط الدكة قبة الصخرة على بيت له ثمانية جدران، وأربعة أبواب.
وللمسجد من خارجه ثلاثة عشر موضعًا، موزعة على عشرين بابًا، منها: باب الحطة وباب النبي صلى الله عليه وسلم وباب محراب مريم، وباب الرحمة وباب الأسباط [55].
ويقرر ياقوت عن المسجد الأقصى: "ومن أعظم محاسنه أنه إذا جلس إنسان فيه في أي موضع منه، يرى أن ذلك الموضع هو أحسن المواضع وأشرحها"، ويذكر في ذلك قول الشاعر:
أهيمُ بقاع القدس ما هبّت الصَّبا فتلك رباع الأنس في زمن الصِّبا
وما زلتُ في شوقي إليها مواصلا سلامي على تلك المعاهد والربى [56]
وصف الأقصى حديثًا:
يبلغ طول المسجد الأقصى من الداخل 80 مترًا، وعرضه 55 مترًا، ويضم سبعة أروقة، رواق أوسط، وثلاثة أروقة من جهة الشرق، وثلاثة من جهة الغرب، وترتفع هذه الأروقة على 53 عمودًا من الرخام، و49 سارية من الحجارة، وفي صدر المسجد قبة كما أن له أحد عشر بابًا، سبعة منها في الشمال وباب في الشرق واثنان في الغرب وواحد من الجنوب. كما يوجد في ساحة الأقصى الشريف خمسة وعشرون بئرًا للمياه العذبة، ثمانية منها في صحن الصخرة المشرفة، وسبعة عشر بئرًا في فناء الأقصى، كما توجد بركة للوضوء، والعديد من الأسبلة مواطن شرب الماء العذب وهي من الآثار الإسلامية القيمة منها: سبيل "قايتباي" من سلاطين المماليك، وهو مسقف بقبة حجرية رائعة، تلفت نظر كل من يزورها. وكذلك هناك أسبلة تبرع بها عدد من المحسنين الخيرين قديمًا مثل: سبيل "البديري"، وسبيل "قاسم باشا" [57].
¥