الفصل الثالث: موقف الأئِمة من الإحتجاج بالمرسل:
قال د. مولاي الحسين بن الحسن ألحيان 1)
للعلماء و أهل الحديث و الأثر أقوال متعددة ومذاهب متباينة فى الحكم على الحديث المرسل و حجيته عند أهل هذا الفن نذكرها هنا:
القول الأول:
نقل ابن القصّار و الباجى و عياض و ابن الحاجب إجماع الصدر الأول من الصحابة و التابعين و تابعيهم على الإحتجاج بالمرسل
و نسب إلى الإمام محمد بن جرير الطبرى أن التابعين بأسرهم أجمعوا على قبول المرسل , ولم يأت عنهم إنكاره و لا عن أحد من الأئمة بعدهم إلى رأس المائتين
قال ابن عبد البر (كأنه يعنى الشافعى أوّل من أبى من قبول المرسل)
القول الثانى:
وهو فى الرد على القول الأول يحكى ناقضة الإجماع ففى مقدمة صحيح مسلم أنّ ابن عباس لم يقبل مرسل بعض ا لتابعين , مع كون ذلك التابى ثقة حجة , وأن ابن سيين قال:لم يكونوا يسألون عن الإسناد ,فلما و قعت الفتنة , قالوا سمّوا لنا رجالكم
ـــــــــــــــــــــ
(1) منهج الاستدلال بالسنّة في المذهب المالكي تأسيس و تأصيل.
إلا أن إجماع المتقدمين على الإحتجاج بالمرسل إلى رأس المائتين لم يحظ بالقبول. فقد قرّر العلائى و ابن حجر أن دعوى الإجماع هذه مردودة على مدّعيها.
نقل الحاكم عن سعيد بن المسيب وهو من كبار التابعين م محمد بن مسلم الزهرى , أ، المرسل ليس بحجة و كذلك كان يعيبه شعبة , و الليث ويحى بن سعيد القطّان ,و عبد الرحمن بن مهدى و الأوزاعى و غير واحد و كلهم قبل الشافعى.و نقله الإمام الترمذى على أ: ثر أهل الحديث.
فبات من خلال هذا الإستقراء أن دعوى الإجماع مطلقا أو إجماع التابعين مردودة بما تقدّم.
و لعلّ أشهر الأقوال فى المرسل هي:
1 - أنه حجة مطلقا وهو مشهور مذهبمالك و أبى حنيفة و أشهر الروايتين عن أحمد و اختاره الآمدىو أكثر الأصوليين
2 - أنه حجة بشرط أن يكون المرسل من أئمة النقل.وهو مذهب عيسى بن أبان و اختاره ابن الحاجب.
3 - أنه حجة إن كان المرسِل لايروي إلا عن عدل.
4 - حصل قول الشافعى فى المرسل أنه إذا اتضد بإحدى العواضد يحتج ّ به و أقوى دليل على هذا استثناءه لمراسيل سعيد بن المسيب لأنه استقرئها كلها ,فتبين لنا أ، الشافعى لايمنعه مطلقا.
هذا وقد تعدّدت أقوال العلماء فى الحديث المرسل و تباينت مذاهبهم فيه كما تقدم و لعلنا نذكر الراجح منها حسبما رجحه العلماء الأفذاذ و بالله التوفيق فهذا الذى سنذكره يكاد المحققون من العلماء أن يطبقون على اختياره وارتضائه.
وهو أ، المرسل إن عرف من عاته أو صريح عبارته أ، ه لايرسل إلا عن ثقة قبل مرسله , و وهو أ، المرسل إن عرف من عاته أو صريح عبارته أ، ه لايرسل إلا عن ثقة قبل مرسله , و إن لم يعرف من عادته ذلك فلا يقبل مرسله.
و قد اعتبر العلامة حافظ المغرب ابن عبد البر هذا المذهب أصلا فى قبول المراسيل و ذكر ما يقتضى أ، ه إجماع فقال (والأصل فى هذا الباب اعتبار حال المحدث فإن كان لايأخذ إلا عن ثقة , وهو فى نفسه ثقة , وجب قبول حديثه مرسله ومسنده وإن كان يأخذ عن الضعفاء, ويسامح نفسه فى ذلك وجب التوقف عما أ رسله حتى يسمى من الذى أخبره.
و اختاره الحافظ العلائى مقررا أنه أعدل المذاهب, إذ به يحصل الجمع بين الأدلة لطرفى القبول و الرد.
فإن قبول السلف للمراسيل مشهور إذا كان المرسِل لايرسل إلا عن عدل موثوق به.
و نقل إمام الحرمين و السيف الآمدى أن ذلك مذهب الشافعى و نسب أبو الوليد الباجى العمل به إلى جمهور الفقهاء و الصدر الأول كلهم وهو مختار إمام الحرمين و الغزالى و ابن حجر.
فائدة (1):
أ – الإرسال والوقف والقطع والفصل والرفع والإسناد: صفات خاصة بالمتن وأصبحت أسماء له.
ب- الوصل و الاتصال صفتان للسند خاصة وأصبحتا اسمين له.
ج – الصحة والحسن والضعف: أوصاف عامة يشترك فيها السند والمتن.
المعضدات التي تأتي مع الحديث المرسل:- حيث كثر لفظ المعضدات فما هي؟
1 – مجيئه مسندا من طريق آخر.
2 – مرسل آخر أرسله من روى عن غير شيوخ راوي المرسل الأول.
3 – موافقة بعض الصحابة له.
4 – فتوى أهل العلم.
5 – القياس، فإذا عضد القياس الحديث المرسل كان حجة بالاتفاق.
6 – فعل الصحابي.
7 – عمل أهل العصر.
ـــــــــــــــــــــــ
(1) الموجز في مصطلح الحديث د. عبد السلام البوناجي صـ158.
مسألة:
¥