ونقل ابن أبي حاتم (ت 327هـ): تضعيف أحمد وابن معين له.
قال ابن سبط العجمي (ت 841هـ): وقال بعض مشايخي فيما قرأت: إنه نسب إلى الاختلاط. انتهى. والعمل على تضعيف حديثه. والله أعلم.
من فصل القول فيه:
عن ابنَ مَهْدي (ت 198هـ) قال: ما اعتد بشيءٍ سمعتُه من حديث ابن لَهِيعة إلا سماعَ ابن المبارك ونحوه.
عن إسحاق بن عيسى (ت 215هـ) قال: احترقت كُتُب ابن لَهيعة سنة تسع وستين ولقيتُهُ سنةَ أربع وستين، وماتَ سنة أربع وسبعين، أو ثلاث وسبعين.
وعن أحمد بن حنبل (ت 241هـ): فقال: كان كَتَبَ عن المثنى بن الصَّبّاح، عن عَمرو بن شُعَيب وكان بَعْدُ يُحَدِّثُ بها عن عَمرو بن شُعيب نفسِه، وكان ليث أكبر منه بسنتين.
وقال حنبل بن إسحاق: سمعتُ أبا عبد الله، يقول: ما حديث ابن لهيعة بحُجَّة، وإني لأكتب كثيراً مما أكتبُ أعتبرُ به وهو يُقَوي بعضُه ببعض.
وعن أحمد بن حنبل: ابنُ لهيعة أجودُ قراءةً لكُتُبه من ابن وَهْب.
وقال الفلاس (ت 249هـ): من كتب عنه قبل احتراقها مثل ابن المبارك والمقرئ فسماعه أصح.
وقال أبو زرعة (ت 264هـ): سماع الاوائل والأواخر منه سواء، إلا أن ابن المبارك، وابن وهب كانا يتبعان أصوله، وليس ممن يحتج به.
وقال ابن حبان (ت 354هـ): فوجب التنكب عن رواية المتقدمين عنه قبل احتراق كتبه لما فيها من الأخبار المدلسة عن المتروكين، ووجب ترك الاحتجاج برواية المتأخرين بعد احتراق كتبه لما فيها مما ليس من حديثه. وقال أبو جعفر الطبري في «تهذيب الآثار»: اختلط عقله في آخر عمره انتهى.
(قال عبد الغني بن سعيد الأزدي (ت 409هـ): إذا روى العبادلة عن ابن لهيعة فهو صحيح ابن المبارك وابن وهب والمقري. وذكر الساجي وغيره مثله.
وحكى ابن عبد البر أن الذي في «الموطأ» عن مالك، عن الثقة عنده، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده في العربان هو ابن لهيعة. ويقال: ابن وهب حدثه به عنه. وقال يحيى بن حسان: رأيت مع قوم جزءاً سمعوه من ابن لهيعة فنظرت فإذا ليس هو من حديثه، فجئت إليه، فقال: ما أصنع يجيئوني بكتاب فيقولون: هذا من حديثك فأحدثهم. وقال ابن قتيبة: كان يقرأ عليه ما ليس من حديثه يعني فضعف بسبب ذلك).
قال الذهبي (ت 748هـ): وكان أصحابنا يقولون: سماع من سمع منه قبل احتراق كتبه مثل العبادلة: عبد الله بن وهب، وابن المبارك، وعبد الله بن يزيد المقرئ، وعبد الله بن مسلمة القعنبى - فسماعهم صحيح.
عن يحيى بن بُكَير: احترقَ منزلُ ابن لهيعة وكُتُبُه في سنة سبعين ومائة.
قال أبو عبيد: سمعت أبا داود يقول: قال ابن أبي مريم: لم تحترق كتب ابن لهيعة، ولا كتاب، إنما أرادوا أن يرققوا عليه أمير مصر، فأرسل إليه أمير مصر بخمسمائة دينار.
رواية صاحبي الصحيحين عنه:
روى له مسلم مقروناً بعمرو بن الحارث وروايته عنه في الشواهد وقفت على موضع منها فقط.
وروى البخاري في عدة مواضع مقروناً ولا يسميه، وهو ابن لهيعة لا شك فيه.
وروى النسائي أحاديث كثيرة من حديث ابن وهب.
قال ابن حجر: قال الحاكم: استشهد به مسلم في موضعين. وقال البخاري: تركه يحيى بن سعيد. وقال ابن مهدي: لا أحمل عنه شيئاً.
والملاحظ: أن هناك من العلماء من يضعف ابن لهيعة مطلقاً منهم القطان وابن معين والنسائي.
ومنهم من تكلم فيه بسبب اختلاطه بعد احتراق كتبه وكان ذلك قبل وفاته بأربع سنوات ومنهم إسحاق بن عيسى والفلاس وأبو زرعة وابن حبان وعبدالغني الأزدي والساجي والذهبي وابن سبط العجمي ويفصلون القول فيه على ما سبق.
والذي يظهر لي والله أعلم أن من وثق ابن لهيعة يريد ما كان قبل اختلاطه واحتراق كتبه وما روى عنه الثقات كالعبادلة أو أنه ثقة في نفسه ومن ضعفه مطلقاً هم من المعروفين بالتشدد في الجرح، وعلى هذا فهو صدوق يكتب حديثه وينظر فيه، بالإضافة إلى أنه بالنظر إلى رواية أصحاب الصحيحين عنه من حيث أنها مقرونة وعدم تصريح البخاري باسمه يدل على أن في نفوسهم منه روايته شيء وهذا ينزله إلى أدنى درجات التوثيق وهو أنه صدوق كما أسلفنا، قال الذهبي: ومن خرج له البخاري ومسلم في الشواهد والمتابعات ففيهم من حفظه شيء وفي توثيقه تردد.
ويؤيد هذا ما قاله ابن عدي: وحديثه حسن كأنه يستبان عمن روى عته وهو ممن يكتب حديثه.
وأيضاً الترمذي في العلل: ... إنما تكلموا فيهم من قبل حفظهم وكثرة خطئهم وقد روى عنهم غير واحد من الأئمة.
وكذلك قول ابن حجر في التقريب:صدوق، من السابعة، خلط بعد احتراق كتبه ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما وله في مسلم بعض شيء مقرون، مات سنة أربع وسبعين، وقد ناف على الثمانين.
وقال ابن خزيمة في صحيحه: وابن لهيعة لست ممن أخرّج حديثه في هذا الكتاب إذا انفرد، وإنما أخرجته لأن معه جابر بن إسماعيل.
قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَشَبَابٌ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَأَحْمَدُ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ
والله أعلم.
كتبه / أبوتذكار
¥