تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هذا فضلا عن تململ الشباب الأوروبي من الصليب والإله المصروع المزعوم، والثالوث المركب بمقاطع خيالية متناقضة التركيب والتصوير، وتغول الكنيسة وكهنتها اللامبالون، السارقون، المستعبدون للفلاحين وطوائف الشعب والمشعلون لحروب صليبية داخلية راح ضحيتها الملايين من الشعوب المستعبدة من حلف الكهنة والرهبان والملوك المسيحيين وذلك أدى مع الوقت واشتداد الصراع في الداخل الأوروبي مع الكنيسة بفضل الانفتاح الاسلامي على الغرب الى انسان اوروبي جديد اقرب للاسلام منه للمسيحية ومن لم يسلم فهو إما عدل في عقيدته ورفض مسلمات كنسية مركزية وبقى خارجها ولم يدخل الإسلام أو رسم عقيدة جديدة وهي الفرق المسيحية الصغيرة والكبيرة في الغرب، وإما آمن بقوة عليا لاصلة لها بالكنيسة والإنجيل وكثير من هؤلاء كانوا تعلموا من علوم المسلمين وصاروا علماء وفلاسفة أو آمن بمباديء العقل الإسلامي وتجريبية العلوم الإسلامية المادية ودراستها للكون ورضي بتوحيد بلادين.

حدث ذلك كله بفضل قوة النقد العلمي الإسلامي الذي سبب:" صدمة ثقافية هائلة ومروعة لاوروبا" كما قال المسلم الجديد، مدير المعلومات بحلف شمالي الأطلنطي سابقا وسفير ألمانيا في المغرب العربي منذ عقود، وهو مراد فلفريد هوفمان (الألماني) (انظر كتابه الطريق الى مكة، طبعة دار الشروق ص 147) لقد تبدلت أفكار كثيرة كانت الكاثوليكية قد رسختها قرونا طوالا. وخرجت الحركات البروتستانتية المتناسلة كنبات الفطر وغيرها مما كانت تدعى بالتوحيدية والمذاهب الربوبية، ودخلت علوم المسلمين العقلية والتجريبية (كالفلك والطب والكيمياء والرياضيات ومقارنة الأديان ونقد الكتاب المقدس .. إلخ) الأديرة والكنائس ثم الجامعات الناشئة والأكاديميات، وبنت اوروبا مدنها من جديد على غرار النموذج القرطبي،ورصفت شوارعها وقامت بتنظيفها على غرار مدن المسلمين النظيفة المضاءة شوارعها، وترجمت كتب المسلمين وصنعت مكتبات اولا في القصور والمختبرات الجديدة ثم الأديرة والاكاديميات!!

وخرج العلماء المسيحيين الذين تمردوا، إما علنا أو بنوع من التستر، على العقائد المسيحية الراسخة، وافكارها العلمية الخاطئة عن الكون، من رحم هذا النقد العقلي ودراساته الشاملة لمناحي الحياة كلها، فكان هو المحرض الأول، والمعلم الأول، والأب الشرعي الجديد –الذي اعترف بفضله اكابر علماء وفلاسفة اوروبا- وكان هو الدافع على النقد والمحرض على العلم والنظر في اسباب الكون، واستخلاص النتائج العلمية من التجربة وهي خاصية انفردت بها الحضارة الإسلامية - واعطيت مجانا للأمم! - في الأندلس وقرطبة وصقلية وغيرها من بلاد أوروبا المسلمة التي كانت تسطر رائعة الجدل العقلي البرهاني الإسلامي الذي أنطلق أصلا من معجزة القرآن الممتدة في كل آياته، معجزة اطلقت الأقلام العلمية والمنهج العملي والتجريبي للنفاذ في أقطار النفس والجسد، والسماوات والأرض والعقل والضمير البشري. وسنن الكون والتاريخ، والإنسان. فاكتشفت علوم فريدة عزيزة لفائدة الانسان في عالم المادة والطبيعة، الأمر الذي انعكس على الأوضاع المادية والروحية للإنسان المسلم فطور من حياته ومدنه ونظرته الى الكون.

وبدأت الشعوب الأوروبية –وقد دخلت شعوب المسيحية الشرقية في الإسلام الا قليلا! -لأول مرة في تاريخ المسيحية في ازاحة القيد الحرفي والمعنوي عن الإنجيل الذي كان يُربط في سلاسل حقيقية في الأديرة وخزائن الكنائس منعا من أن يطلع عليه واحد من أفراد الشعب.

وبدأ تقليد مكتبات قرطبة والأندلس، المنتشرة في كل حي من احياء قرطبة وغرناطة وصقلية مجانا، يسري في كافة انحاء اوروبا تباعا على مضض من الكنيسة وفي ظل معارك دامية، بينما كان العلم الإسلامي المكتوب يضغط بقوة للتحرير الممكن –بقدر الإمكان- ويحظى بمكانة متصاعدة، كالعربية والشعر، والطب والرياضيات، والفيزياء والفلك، والكيمياء والتاريخ ونقد الكتاب المقدس!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير