أقول ان لو كان في العقاد شيئا مما صورته لنا بهذه الصورة (الشنيعة القذرة المليئة بانحطاط يشمل كل جوانب حياته يتبرأ من مثله أرذل الناس!) لماجاز لشاكر أن يستضيفه بشكل دائم في صالونه الأدبي الفكري بل هي منقصة وعيب في حق شاكر ناهيك أن يكون العقاد يجد في صالون شاكر مأواه ومستراحه وأن يشعر فيه بكل سعادة كما حكى الأستاذ يحي حقي قائلا) وأشهد أن العقاد رغم مايُحكى عنه من تجهم وقسوة كان يضحك في بيت محمود محمد شاكر ضحك الأطفال ونقهقه معا (والأستاذ يحي حقي بشخصه هو قائل هذا الكلام من مقال له بعنوان (محمود شاكر أديب العربية ومحققها) منشور بمجلة الهلال عدد مارس سنة 1985 وجدت هذا العدد عند أحد الباعة على الرصيف فاستعرته منه لأنقل المقال وأرده له مرة أخرى وقد نقلت المقال بنفسي من هذا العدد ونقلت معه ثلاث صور من المقال نفسه ثلاثتهم في بيت محمود شاكر صورة منهم لمحمود ويحي منفردين وصورة لهما في مكتبة محمود شاكر وصورة لعائلة شاكر بزوجته مع عائلة حقي وزروجته ونقلت هذه الصور بالسكربت وسأنشرها على النت ان شاء الله تعالى،
وكتب محمود شاكر حين وفاة يحي حقي مقالا بعنوان (يحي حقي صديق الحياة الذي افتقدته) ومن عجيب ماذكر فيه أن يحي حقي كان صديق حياته وأخيه لدرجة أن "يحي" أقام مع محمود في بيته لمدة عشر سنوات لايفترقا فيها قط.
"من الجزء الثاني من جمهرة مقالاته ص "944
ومعلوم أن من هذا شأنه مع محمود شاكر لن يكذب فضلاً عن أن يكذب ويتقول وينسب لمحمود مالم يفعله أو يقره، ولم نعلم أن شاكر أو غيره من اهل العلم وصف العقاد بشئ مما وصفته به. وغيرُ شاكر الذي قال بالضد فيه ادانة لك يا شيخنا الفاضل (لأنهم في سياق جرحهم للعقاد لم يتفوهوا بذرة مما تفوهت وقطعت بنسبته للعقاد.
وبخصوص قولك:
وبينت أن العقاد لم يكن ذاك الجاهل بالدين الذي أتي من جهله .. بل كان يعرف ما يتكلم به ابن القيم معرفة من قرأ طويلا وكثيراً في كتابات ابن القيم، وكذا ابن تيمية ويعرف السلف الصالح جيداً
طبعا أنت ترد على ماقلته عن الواقع الذي عاش فيع العقاد، أقول أن كثيرًا مما نسبته للعقاد رغم أني لم أقرأ كتابك بعدُ، لايحتاج لعلم شرعي حتى نكفر قائله ولايُتصور فيه جهل في هذا الزمن أصلا، وأقول بخصوص بعض ضلالاته الأخرى التي يُتصور فيها الجهل بالحق أقول:
فرضنا أن كلامك صحيح فهو غير كاف لتقويل العقاد مالم يقل أوالزامه أو القطع بنسبة عقائد ضالة له وعلى لسانه، ومن المعلوم ان العالم قد يتوسع في العلوم ولايصل الى الحق المعلوم لدى عوام الناس في أزمان أخرى كما قال الشيخ حاتم العوني (قد ذكر الامام الذهبي في تذكرة الحفاظ - فيما أذكر - أن بعض متكلمي القرن الثالث أعلم بالحديث من كثير محدثي زمانه) بل ونعلم أن بعض الأئمة الأربعة عاشوا وماتوا وهم لايعرفون صفة صلاة النبي – صلى الله عليه وسلم – على التمام كماصلاها، وهذا لأنهم أخطأوا الاجتهاد في كثير من صفات الصلاة ثم اتضح بعد مماتهم خطئَهم كما هومعلوم، فهؤلاء الأئمة أعلم اهل الاسلام بالدين ورغم ذلك فاتهم كثير من العلوم التي يعرفها عوام الناس الآن وقبل الان! وماذاك الا لتشقيق الكلام وتفريعه حول الحق فصار على طالب الحق أن يقطع رحلة طويلة يغوص فيها الى أغوار الكلام والحواشي ليلتقط الحق صافيا من كل هذه الشوائب وهذه رحلة مليئة بالأهوال والمخاطر كما نعلم، فلايستقيم اذًا أن نقول أن كل من سلك هذه الرحلة وتعمق فيها قد صار قطعا عالمًا وملتقطًا للحق من بين هذه الظلمات المحيطة به.
وبخصوص قولك:
إن كتابتي عن العقاد لقى ترحيباً واسعاً ممن لهم دراية بحال العقاد، وأحتفظ بثناءات نفرٍ منهم
نريد أرائهم
نريد أراء من تعرف الأمة معرفة ضرورية أنهم من اهل العلم والفكر! _ ولايدخل فيهم المختلف فيهم الذين يقول عن جهودهم الشيخ محمد حسين يعقوب (هذه الجهود الانعزالية المنتسبة إلى المنهج السلفي، وهي في حقيقتها لا تتعدى الصورة الجديدة للمنهج الصوفي الانعزالي القديم، الذى عزل الدين عن الدنيا وهموم المجتمع ومقتضيات الاستخلاف في الأرض، قبل أن تأتي العلمانية لتستثمر هذا الانحراف وتؤسس عليه تخريبها الكبير في ديار الإسلام.) ولايدخل أيضا فيهم الذين ثبت عنهم احتقارهم للفكر ولفقة الواقع وللبناء المعرفي والاطلاع على مختلف العلوم الحديثة
يعني عندك كثير من متنوري هذا العصر كمحمد اسماعيل المقدم ومصطفى حلمي وغيرهم كثير كثير
ثم ان رجل كالعقاد اسمه وكتبه تملأ الدنيا منذ أوائل القرن السابق ولم ينبه أحد من علمائنا على حقيقته التي صورتها لنا الان، والله ان سكوتهم الى الان لطعن فيهم وفي مصداقيتهم! غير أنههم وحاشاهم أن يسكتوا فقد بينوا الأخطاء ووفوا جزاهم الله عنا كل خير ونفعنا بعلومهم الزاخرة.
وبخصوص قولك:
أدعو كل محبين العقاد ممن كبر في حسهم ما تكلمت به عن العقاد
نحن لم نحب الرجل لتعاطف مع شخصه وفقط، بل للرجل اليد الطولى في المجال الثقافي العام والاسلامي والفكري والأدبي، ونظرا لعلمي بوجود من يحتقر هذا المجال فأود أن أقول
أن الجهل بهذه المجالات من قِبَل طلبة العلم ومشايخ كثيرين أودى بهم الى أن صاروا مُهَمّشين عن واقعهم ومنعزلين عنه فهمًا وتأثيرا وصار أيضا بينهم وبين من يستمعهم حواجز نفسية وزمانية" كما يقول الشيخ أحمد الصويان في مقال بعنوان – المستشرقون الجدد –) هذا الجهل منهم جعل واحدًا من علمائنا وهو العلامة محمد رجب بيومي يكتب مقالا طويلا في مجلة الأزهر وينقل فيه ما يؤيده من كلام أهل العلم ثم يقترح بأن لايعطوا شهادة الدكتوراة للطالب وان نجح في المناقشة الا بعد أن ينجح في اختبار الثقافة العامة! والمقال اسمه" الدكتوراة الى أين - قولوا الحق ولو على أنفسكم). هذا لمن لا يعرف شأن كتب العقاد وأمثاله
هذا نقد لكتابك من أساسه كاف في بيان زيف هذا الكتاب، ولكني لن أكتفي وسيكون لي عودة لنقد كتابك في ذاته مع بيان أنه فاسد أيضا من وجه الحكمة الارشادية
والحمد لله رب العالمين
كتبه/خالد المرسي
¥