تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كيسا، ولما دخلت الحجدرة اخترت ثلاثة، ثم اذا بي اختار أربعة فخمسة الى عشرين، فهناك نوع من الطمع والشره غريب جدا هو الشره للكتب حتى لو لم نقرأها، فحملت الكيس كأنني لص، وخرجت من البيت، ووضعت هذه الكتب في مكتبتي، وجاء يوسف نجم يزورني، وأدى لي خدمة كبيرة فقلت له: أمامك صف من الكتب، اختر لك كتابا .. ولم اعتقدت أن الله يلقنني درسا في أن الطمع يذهب بماجمع.

الشخص الآخر هو احسان عباس قابلته في جامعة "برنستون" يدرس تاريخ الأدب العربي، وهو أديب وبحاث موقر من الأجانب توقيرا شديدا وله مؤلفات كثيرة.

الشخص الثالث"ناصر الدين الأسد" الذي كان أخيرا رئيس الجامعة الأردنية وصاحب كتاب مصادر الشعر الجاهلي .. وقد حضرت مناقشة هذه الدكتوراة في الجامعة، ورأيت الأساتذة يحنون اليه رءوسهم من كثرة ماوضع في هذا الكتاب من علم وخبرة ودراسة. وقد أثبت في هذا الكتاب أن نظرية"طه حسين" بأن الشعر الجاهلي منحول ان لم يكن كله فأكثره لادليل عليها وأن العرب حتى في الجاهلية كان لديهم من يكتب وكانت هناك مستندات مكتوبة، وأنهم كتبوا الشعر، فالقول بأنه تعرض للتحريف عن طريق الرواية ليس صحيحا وأتى بمستندات. مامعنى البحث في لغتنا وفي تاريخنا: معناه أن نستعرض تقريبا كل التراث ابتداء من لسان العرب .. القاموس الذي لاتتصور أنه يمدنا بمعلومات تاريخية أو شئ من هذا القبيل ولانندهش اذا رأينا أن هذا الكتاب تضمن ذكر القبائل وتاريخها وفيه أشعار كثيرة ربما لانجدها في كتاب الشاعر نفسه، فلابد لكل واحد من هؤلاء الثلاثة أن يقرأ لسان العرب كله وجميع الكتب الصادرة في هذا الوقت، ويستخلص من هذه الثروة المكتبية مايهمه في البحث الذي يكتبه ثم يرتبه .. الخ وليس الأمر هينا.

شيخ الاسلام التركي

ومن الشخصيات المهمة أيضا التي تعرفت بهم عند" محمود شاكر" في تركيا الشيخ مصطفى صبري المفتي الأخير للاسلام في تركيا قبل الانقلاب الكمالي وابنه ابراهيم صبري، وكان منصب شيخ الاسلام في تركيا قبل الحركة الكمالية –أيام الخلافة- يلي رئيس الوزراء .. الى هذا القدر كان له مقام في تركيا، فلما جاء مصطفى كمال طرد شيخ الاسلام، فلجأ لفترة قليلة الى اليونان ثم جاء الى مصر واستقبل بمظاهرات تهتف ضده لأن مصر كانت مفتونة في ذلك الوقت بشخصية مصطفى كمال الذي حرر تركيا من الاحتلال فقد طرد اليونان والانجليز والفرنسيين، وأقام دولة مستقلة .. وقد مدحه شوقي بقصيدة. ثم لماألغى الخلافة وطرد المفتي كتب شوقي قصيدة أخرى يعني عليه هذا، وكنت أحفظ هاتين القصيدتين .. فقد وضعت يدي حينما قابلت الشيخ مصطفى صبري على جزء حي ليس فقط من تاريخ تركيا بل من تاريخ هذا الصراع في العالم الاسلامي، وهل الاسلام يصلح لأن يكون نظام حكم أملا .. ، هل يمكن أن نقيم في دولة اسلامية نظاما علمانيا، فاذا بمصطفى كمال يجرب هذه التجربة، فألغى الشريعة الاسلامية وطبق القانون السويسري فهذه التجربة الحية، ماذا يكون موقف هؤلاء الناس منها؟! ... وجدت الشيخ مصطفى صبري يعيش في تقشف، موارده المالية محدودة .. صالونه كراسي من القش ومع ذلك كان يخرج الينا مصطفى صبري وهو رجل كبير في السن ذي لحية طويلة فكنت كلما رأيته أتصور أنه خارج لتوه من الحمام ومن"المكوجي" وكان يكتب العربية، وكتب كتبا في تاريخ الاسلام، وتعرض لبعض المصريين الذين اشتم من كتاباتهم أنهم غير متعصبين للاسلام، وسبهم بألفاظ فظيعة، وطبعا تألمت من هذا الموقف ..

وأنتقل الان الى ابنه ابراهيم صبري، وهو شاب تعلم في الجامعة التركية، وجاء الى مصر، وحاول أن يشتغل، فسعيت والحمدلله حتى وفقت أن أدخله مكتبة الجامعة حينما كان يديرها الأستاذ حسن محمود، وأصبح خبيرا في الكتب الفارسية والتركية وبعد ذلك أصبح أستاذا في الجامعة، ومن حسن حظنا أنه أقام

الصورة

أسرة محمود شاكر ويحيى حقي مع زوجته الفرنسية

في مصر فقد ترجم بعض الأعمال التركية مثل مسرحية طارق بن زياد وموسى بن نصير، وأشهد أنني لمأقرأ في أي أدب مكتوب مدحا في العروبة والاسلام كما وجدت في هاتين المسرحتين، وهما من طبع مشروع "الألف كتاب"

ماذا أفدت أنا من هذه الصحبة مع محمود محمد شاكر؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير