تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

واشترط ابن بطال في خروج الصبي أن يضبط نفسه عن العبث، وأن يعقل الصلاة ويتحفظ مما يفسدها .. وتعقبه الحافظ: بأن مشروعية إخراج الصبيان إلى المصلى إنما هو للتبرك وإظهار شعائر الإسلام بكثرة من يحضر منهم، ولذلك شرع للحُيّض؛ فهو شامل لمن تقع منهم الصلاة أو لا [105].

سادساً: المشي إلى المصلى:

جاء في المشي إلى المصلى ثلاثة أحاديث مرفوعة وكلها ضعيفة كما قال الحافظ [106]، وورد عن علي رضي الله عنه قوله: (من السنة أن يأتي العيد ماشياً) [107] قال الترمذي: والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم يستحبون أن يخرج الرجل إلى العيد ماشياً، وأن يأكل شيئاً قبل أن يخرج.اهـ[108].

وفي سُنّية المشي إلى العيد حديثان مرسلان صحيحان عن ابن المسيب والزهري [109].

قال مالك: نحن نمشي ومكاننا قريب، وإن بَعُدَ ذلك عليه فلا بأس بالركوب [110].

وقال أحمد: يستحب أن يذهبوا رَجّالة إلى العيدين والجمعة [111].

وقال ابن المنذر: المشي إلى العيد أحسن وأقرب إلى التواضع ولا شيء على من ركب [112].

سابعاً: التهنئة بالعيد:

أ- عن جبير بن نفير قال: (كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبّل الله منا ومنك) [113].

ب- وعن محمد بن زياد الألهاني قال: (كنت مع أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه وغيره من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فكانوا إذا رجعوا يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك) [114].

وصيغة التهنئة بالعيد تكون بحسب عرف أهل البلد ما لم تكن بلفظٍ محرم أو فيه تشبه بالكفار؛ كأن يأخذ ألفاظ تهنئتهم بعيدهم.

ثامناً: مخالفة الطريق:

روى جابر رضي الله عنه: (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا كان يوم عيد خالف الطريق) [115].

وفعله -صلى الله عليه وسلم- تلمّس له العلماء حِكَماً عديدة جمع الحافظ منها أكثر من عشرين حكمة [116].

وذكر منها:

1 - لإظهار شعائر الإسلام. 2 - ليشهد له الطريقان.

3 - لإظهار ذكر الله -تعالى-. 4 - لإغاظة المنافقين أو اليهود.

5 - السلام على أهل الطريقين. 6 - أو تعليمهم.

7 - أو الصدقة. 8 - أو ليصل رحمه.

قال ابن القيم بعد ذكر عدد من الحِكَم: وقيل وهو الأصح: إنه لذلك كله ولغيره من الحِكَم التي لا يخلو فعله عنها [117].

تاسعاً: الفرح بالعيد:

أ- روت عائشة رضي الله عنها: (دخل عليّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعندي جاريتان تغنيان بغناء بُعاث فاضطجع على الفراش وحوّل وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمارة الشيطان عند النبي؟! فأقبل عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (دعهما) فلما غفل غمزتهما فخرجتا) [118] وفي رواية: (تغنيان بدف) [119].

قال الحافظ: وفي هذا الحديث من الفوائد مشروعية التوسعة على العيال في أيام الأعياد بأنواع ما يحصل لهم من بسط النفس وترويح البدن من كلف العبادة، وأن الإعراض عن ذلك أوْلى، ومنه أن إظهار السرور في الأعياد من شعائر الدين [120].

فتأمل فضل الله تعالى: يفرح المسلمون بالعيد ويؤجرون على هذا الفرح؛ لأنه من شعائر الدين. ولكن ليُعلمْ أن هذا الفرح يجب أن يكون في حدود المشروع، وأما إشغال الأعياد بالمنكرات والغناء فليس من الفرح المشروع بل من نزغ الشيطان، ألا تراه في الرواية الأخرى قال: (تغنيان بدف) فيقتصر على ذلك، والزيادة عليه ممنوعة لنصوص أخرى ليس هنا مجال ذكرها.

ب- اجتماع الناس على الطعام في العيد سنة؛ لما فيه من إظهار هذه الشعيرة العظيمة، قال شيخ الإسلام: جمع الناس للطعام في العيدين وأيام التشريق سنة وهو من شعائر الإسلام التي سنها رسول الله [121].


(1) صحيح ابن خزيمة، 3/ 315، رقم (2161)، وأخرجه أحمد، 2/ 303، والحاكم وصححه، 1/ 437، والبزار كما في كشف الأستار، 1069، وحسنه الهيثمي في الزوائد، 3/ 199، وصححه الشيخ شاكر في شرح المسند (8012).
(2) أخرجه أبو داود في الصوم (2438) والترمذي في الصوم (757).
(3) أخرجه أبو داود في الصوم (2419)، والترمذي في الصوم (773) والنسائي في المناسك (5/ 252).
(4) لطائف المعارف (482).
(5) اقتضاء الصراط المستقيم، 1/ 482.
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير