تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فهي مجالس خيرة، لأن أبسط شيء قد يتحقق فيها هو إبعاد الانسان عن أهون الشر أو هدايته إلى أقل الخير، ورسول الله صل1 يقول في وصيته لعلي بن أبي طالب ومن خلاله لنا: " لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم " [19] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn19). وقالصل1:" من دعا الى هدى كان له الأجر مثل أجور من اتبعه " [20] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn20) والدعوة الى الله والى الخير رسالة الأنبياء والمرسلين ورسالة الدعاة الصالحين، وأبناء هذه الأمة هم أفضل من يتحمل هذا الأمر من غيرهم، فيجب أن تأخذ من وقتهم ومالهم وجهدهم وعاطفتهم وأنفسهم نصيبها لكي تنتشر الدعوة ويسود الإسلام ويعم الخير المجتمع.

ولعل تلك الجلسة الإيمانية التي أشارت إليها كلمة الصحابي الجليل معاذ بن جبل رض1 " اجلس بنا نومن ساعة" [21] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn21) أو نبه إليها حديث أنس رض1الذي قال فيه: " كان عبد اللهرض1 إذا لقي الرجل من أصحابه يقول له تعال نؤمن بربنا ساعة، فقالها ذات يوم لرجل، فجاء الى النبي صل1فقال: يا رسول الله ألا ترى في رجل يرغب عن إيمانك الى إيمان ساعة، فقال صل1: يرحمه الله إنه يحب المجالس التي تباهي بها الملائكة ". [22] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn22).

إنها نموذج للمرحلة الأرقمية التي صار عليها الرسول صل1 في تربية الجيل الأول من الصحابة بدار الأرقم بن أبي الأرقم قبل الهجرة إلى المدينة المنورة حيث كان يجتمع بأصحابه أولا في الشعاب سرا، وبعد حصول مواجهات بينهم وبين الكفار انتقل بهم إلى دار الأرقم.

والتربية الأرقمية هي التكوين المقصود به صناعة العقلية القيادية خاصة، من خلال المتابعة الدقيقة لكل فرد على حدة، بتشكيل شخصيته تشكيلا يقوم على منتهى صفتي القوة والأمانة، ومن هنا تكون الجلسة الايمانية العلمية الدعوية تعنى بإنتاج العقلية القيادية لا الجندية. وفي هذا الصدد يقول الدكتور أكرم ضياء العمري: " وكان الرسول صل1 يربي أصحابه على عينه، ويوجههم نحو توثيق الصلة بالله، والتقرب إليه بالعبادة، تمهيدا لحمل زمام القيادة والتوجه في عالمهم، فالعشرات من المومنين في هذه المرحلة كانت أمامهم المهمات الجسيمة في تعديل مسار البشرية " [23] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn23)..

ونجاح مثل هذه المجالس العلمية الايمانية يحتاج الى عالم فقيه رباني، فهو المربي وهو المحور الأساسي، والمطلوب منه العمل بعلمه وصبره وحسن توجيهه وسلوكه، وقدوته في ذلك رسول الله صل1، فقد سأل الحسن بن علي أباه عن سيرة رسول الله في جلسائه فقال: " كان رسول الله صل1 دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ (سيء الخلق)، ولا غليظ ولا سخاب، ولا فاحش، ولا عياب، ولا مزاح، يتغافل عما لا يشتهي، لا يوئس منه راجية، ولا يخيب فيه، وترك الناس من ثلاث، كان لا يذم أحدا، ولا يعيره ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما يرجو، وإذا سكت تكلموا، لا يتنازعون عنده الحديث، يضحك مما يضحكون، ويتعجب مما يتعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه، وسألته حتى إن كان أصحابه ليستحلبونه في المنطق ويقول: إذا رأيتم صاحب حاجة فارفدوه، ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ، ولا يقطع على أحد حتى يجوز فيقطعه بانتهاء أو قيام ". [24] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn24).

ولابد أن يعمل المؤمن المستمع الراغب في الخير بحضوره المتواصل والدائم وانضباطه، ورغبته وحسن استماعه على إنجاح مثل هذه المجالس.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير