. (فإن أقواماً جعلوا ذلك عاماً، فاستعملوا من الهجر والإنكار ما لم يؤمروا به، فلا يجب ولا يستحب، وربما تركوا به واجبات أو مستحبات وفعلوا به محرمات. وآخرون أعرضوا عن ذلك بالكلية، فلم يهجروا ما أمروا بهجره من السيئات البدعية .. ).
فبالله عليكم هل يحسن ميزان هذه الأمور فيقبل دخوله فيها ويعذر إن أخطأ فيها = إلا من كان من أهل العلم؟!!
.
وقال (28/ 206): ( .. وهذا الهجر يختلف باختلاف الهاجرين في قوتهم وضعفهم وقلتهم وكثرتهم؛ فإن المقصود به زجر المهجور وتأديبه ورجوع العامة عن مثل حاله؛ فإن كانت لمصلحة في ذلك راجحة بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشر وخفيته كان مشروعاً، وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك؛ بل يزيد الشر، والهاجر ضعيف، بحيث يكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته، لم يشرع الهجر؛ بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر) ..
.. (والهجر لبعض الناس أنفع من التأليف؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلّم يتألف قوماً ويهجر آخرين. كما أن الثلاثة الذين خلفوا كانوا خيراً من أكثر المؤلفة قلوبهم؛ لمَّا كان أولئك كانوا سادة مطاعين في عشائرهم؛ فكانت المصلحة الدينية في تأليف قلوبهم، وهؤلاء كانوا مؤمنين، والمؤمنون سواهم كثير؛ فكان في هجرهم عز الدين، وتطهيرهم من ذنوبهم، وهذا كما أن المشروع في العدو القتال تارة، والمهادنة تارة، وأخذ الجزية تارة، كل ذلك بحسب الأحوال والمصالح) ..
فبالله عليكم هل يحسن ميزان هذه الأمور فيقبل دخوله فيها ويعذر إن أخطأ فيها = إلا من كان من أهل العلم؟!!
.. (وجواب الأئمة كأحمد وغيره في هذا الباب مبني على هذا الأصل؛ ولهذا كان يفرق بين الأماكن التي كثرت فيها البدع؛ كما كثر القدر في البصرة، والتجهم بخراسان، والتشيع بالكوفة، وبين ما ليس كذلك، ويفرق بين الأئمة المطاعين وغيرهم، وإذا عرف مقصود الشريعة سلك في حصوله أوصل الطرق إليه).
فبالله عليكم هل يحسن ميزان هذه الأمور فيقبل دخوله فيها ويعذر إن أخطأ فيها = إلا من كان من أهل العلم؟!!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في إنكار أهل السنة على أهل السماع الصوفي: ( .. وهؤلاء المنكرون فيهم المقتصد في إنكاره، ومنهم المتأول بزيادة في الإنكار غير مشروعة).
فبالله عليكم هل يحسن ميزان هذه الأمور فيقبل دخوله فيها ويعذر إن أخطأ فيها = إلا من كان من أهل العلم؟!!
ويقول: ((كما أحدث أولئك ما ليس مشروعا، وصار على تمادي الأيام يزداد المحدث من السماع، ويزداد التغليظ في أهل الإنكار، حتى آل الأمر من أنواع البدع والضلالات والتفرق والاختلافات إلى ما هو من أعظم القبائح المنكرات التي لا يشك في عظم إثمها وتحريمها من له أدنى علم وإيمان)).
فتأمل حاجة باب الإنكار للعلم حتى إن الإنكار على أهل بدعة محدثة كالسماع قد يقع فيه بسبب قلة علم المنكرين = فساد وبدع وضلالات ..
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "درء التعارض" (2/ 102) بعد ذكره جمعاً من متكلمي الأشاعرة المناظرين على طريقتهم: ( .. ثم إنه ما من هؤلاء إلا من له في الإسلام مساع مشكورة، وحسنات مبرورة، وله في الرد على كثير من أهل الإلحاد والبدع والانتصار لكثير من أهل السنة والدين ما لا يخفى على من عرف أحوالهم وتكلم فيهم بعلم وصدق وعدل وإنصاف، لكن لما التبس عليهم هذا الأصل المأخوذ ابتداء عن المعتزلة، وهم فضلاء عقلاء احتاجوا إلى طرده والتزام لوازمه؛ فلزمهم بسبب ذلك من الأقوال ما أنكره المسلمون من أهل العلم والدين، وصار الناس بسبب ذلك منهم من يعظمهم لما لهم من المحاسن والفضائل، ومنهم من يذمهم؛ لما وقع في كلامهم من البدع والباطل، وخيار الأمور أوساطها، وهذا ليس مخصوصا بهؤلاء؛ بل مثل هذا وقع لطوائف من أهل العلم والدين، والله تعالى يتقبل من جميع عباده المؤمنين الحسنات، ويتجاوز لهم عن السيئات، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم).
فبالله عليكم هل يحسن ميزان هذه الأمور فيقبل دخوله فيها ويعذر إن أخطأ فيها = إلا من كان من أهل العلم؟!!
ختاماً ..
يعلم الله عز وجل أني أقر بأخطاء المخطئين من العاملين وغيره وأرى فيها ما ليس سائغاً وأجيز الاجتهاد في النصيحة ولا أوجب أن تكون سراً ولا أشترط فيها سوى العلم والعدل،وأختلف –مثلاً- مع بعض المشايخ المؤهلين للنقد في بعض وجوه نقدهم لكني لا أمنع من كان من أهل العلم أن ينقد ..
أما تصدر هذه الببغاوات الحمقاء بالثرثرة ثم الثرثرة ثم الثرثرة فهذا باطل لابد أن يقرع أصحابه فوق رؤوسهم حتى يُذهب الله الران عن قلوبهم ويشفي من الإثم والبغي والعدوان صدورهم ..
ونحن والله ما برأنا الله عز وجل من فتنة التجريح من الوقوع فيمن أخطأ وضل وابتدع منالدعاة والعاملين والمجاهدينبالبغي والعدوان = إلا الاستمساك بهذه القواعد والأصول،ولسنا لها بتاركين ولو تخطفتنا الطير، وليس يحملنا خطأ المخطئين أو بدعهم وضلالهم على أن نظلمهم أو نبغي عليهم أو نمهد الطريق للصغار والعامة أن يتكلموا فيما لا يجوز لهم الكلام فيه ولو أصابوا فكيف وقد بغوا وجنوا وظلموا ..
والله الموعد لا إله إلا هو ..
¥