تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أحد لا لشىء سوى التحرش بالمسلمين واستفزازهم، فضلا عن هتافهم جهارا نهارا ومن قلب الكاتدرائية ذاتها بقادة الصهاينة الأوباش المجرمين أن يأتوا ويحتلوا مصر، فى الوقت الذى لا يقول المسلمون المصريون أبدارغم الأغلبية الكاسحة الماسحة التى يتمتعون بها إنه ينبغى اقتلاع النصرانية أو ترحيل أتباعها من البلاد، بل كل ما يقولونه هو أن النصارى كافرون مثلما يقول النصارى عنهم إنهم هم الكافرون، وهو ما لا ينبغى أن يثير حفيظة هؤلاء أو أولئك، إذ إن ما يؤمن به أحد الفريقين يناقض ما يعتقده الفريق الآخر، فمن الطبيعى أن يرى كل من الطرفين أن الطرف الثانى كافر بما يؤمن هو به. بل إنهم لا يفكرون فى استخدام سلاح المقاطعة الاقتصادية، التى يستطيعون عن طريقها أن يقصموا ظهر الطرف الآخر الذى بيده مقاليد جزء ضخم من اقتصاديات البلاد، وهم عليها قادرون لو أرادوا، مما يدفع بالإنسان إلى الخوف من أن يأتى اليوم الذى يندم المسلمون على هذا كله ندما لا يمكن تداركه لأن الأوان سيكون قد فات منذ زمن طويل. وخَلِّهِْْم نائمين فى المجارى يشخرون، والطرف الآخر يسن لهم السكاكين، وهم ولا هم هنا!

ومع هذا نسمع فى كل مكان الاتهامات الباطلة المبطلة لهم من قِبَل النصارى بالتعصب والاضطهاد مع كل ما تغدقه الدولة على هؤلاء من تدليل وما تعاملهم به من خوف (أو "تواطؤ" كما يقول كثير من المسلمين) فلا تستطيع (أو "لا تريد") أبدا أن تطبق قوانين الطوارئ عليهم ولا أن تزج بأحد منهم فى المعتقلات فى الوقت الذى يقبع فيها عشرات الآلاف من المسلمين، كما لا يمكنها أن تفكر فى إغلاق كنائسهم مثلما تفعل بالمساجد عقب كل صلاة، دعك من أنها لا يخطر فى بالها مجرد التفكير فى اقتحامها أو أن تمس أحدا ممن يتظاهرون بداخلها ويقذفون رجال شرطتها بالحجارة ويسبونهم أقذع سباب داعين أمريكا وإسرائيل إلى احتلال البلاد، على حين يحرّم القانون على المسلمين التظاهر فى مساجدهم حتى ولو تضامنا مع إخوانهم المظلومين المحاصرين فى غزة أبشع حصار وأشنع ظلم عرفه التاريخ. ويستطيع القارئ أن يقيس الماضى على الحاضر.

وحتى لو كان ما تقوله الرواية قد حدث على النحو الذى صورته الكاتبة، وكان دخول النصارى الإسلام راجعا إلى ثقل الخراج مع أن الخراج لم يشكل فى يوم من الأيام أى عبء على أحد لأنه فى واقع الأمر مبلغ تافه كما هو معروف، ويقابله عند المسلمين إخراج الزكاة والانخراط فى الجيش مما لا يجب شىء منه على النصارى، فهل شكا لها أحفادهم الحاليون (الذين هم أنا وأنت وهو وهى أيها القراء الكرام) مما حدث آنذاك وقالوا لها إنهم يريدون العودة إلى دين أجدادهم الأصلى؟ ولماذا صورت النصارى كلهم تقريبا على أنهم ملائكة أطهار، وخصت المسلمين بالعيوب إلا الشاذ النادر الذى لا يقاس عليه؟ وهل كان حكم المسلمين فى مصر فى تلك الفترة بهذا السوء؟ ومن الذى اختار لها تلك الفترة، وهى فترة تاريخية لا يعرفها إلا المتخصصون فى تاريخ مصر؟ ومن الذى نبهها إلى المراجع النصرانية التى تعالج تلك الفترة وتشوه سيرة المسلمين والإسلام؟ ذلك أن الكاتبة غير متخصصة فى هذا الموضوع. من هنا يمكننا أن نفهم مغزى ما قرأتُه فى أحد المواقع التى تعلن عن الترجمة الإنجليزية للرواية ( IPM- International Publishers Marketing) من أنها قد لقيت ترحيبا هائلا لأنها فتحت الباب فتحًا لمعالجة بعض الجوانب المهملة فى التاريخ المصرى الوسيط: " Hailed as a groundbreaking treatment of otherwise neglected aspects of medieval history"، أو فى موقع " the tanjara (http://thetanjara.blogspot.com/)" بتاريخ 27 أكتوبر 2008م من ثناء شديد أغدقته إحدى اللجان التى عُهِد إليها النظر فى الروايةِ وترجمتِها على شجاعة الكاتبة فى استكشافها علاقة مصر المعقدة بمواطنيها النصارى فى القرن التاسع الميلادى: " Bakr’s courageous novelistic exploration of Egypt’s complex relationship with its Christian (Coptic) community during the 9th century AD".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير